في مجلس سياسي خاص، أول من أمس، قرأ أحد المشاركين تغريدة الدكتور سمير جعجع: “الى صديقي الرئيس نبيه بري، إن تأثير العوامل الخارجية في الانتخابات الرئاسية يُصبح صفراً حين تستجيب الكتل المقاطعة دعواتك المتكررة لانتخاب رئيس للجمهورية”. على الأثر انتقل الحديث إلى مآل الحوار الدائر بين “التيار الوطني الحر” وحزب “القوات اللبنانية”، ولا سيما ما تردد عن اشتراط النائب الجنرال ميشال عون موافقة جعجع على تأييد ترشيحه لرئاسة الجمهورية من أجل السير بـ”إعلان النوايا” الذي لا يزال قيد البحث بل المراوحة بين الجانبين.
باستثناء صوت مخالف، أجمع الحضور الذين استقى كل منهم معلوماته من اتصالاته الخاصة ومخزون الذاكرة والتحليل، على أن احتمالات وصول الجنرال عون إلى الرئاسة مرتبطة أكثر من أي وقت مضى بـ”نعم” يلفظها سمير جعجع. ولكن.
قال أحدهم: “هل يعتقد الجنرال عون وفريقه أن سمير جعجع هو “كاريتاس لبنان” ليوافق على ترئيسه لمجرد أنه يطرح نفسه رئيساً قوياً وممثلاً قوياً لفئة واسعة من المسيحيين؟ المهم بالنسبة إليه ماذا سيفعل رئيس الجمهورية إذا كان فعلاً رئيساً قوياً وممثلاً؟”.
وتابع من موقع العارف المتأكد: “إذا كان رئيس كهذا – أياً يكن – سيجيّر قوته وتمثيليته لـ”حزب الله” ومشروع إيران في المنطقة ولبنان، فيتوجّب عليه أن يُفتش عن أي سياسي آخر غير جعجع ليقنعه بترشيحه”.
وقال آخر: “المنطق يقضي بأن إذا كان جعجع يريد أن ينتقل من معراب إلى الرابية جغرافياً كي يصبح عون في النتيجة رئيساً للجمهورية، فعلى الجنرال عون أن ينتقل في السياسة إلى معراب كي يصبح رئيساً. هل هذا سهلٌ أو ممكن؟”.
أحد الحاضرين ذكّر هنا بأن إيراد عبارة “إعلان بعبدا” في البيان الوزاري لحكومة الرئيس تمام سلام كان مستحيلاً بسبب موقف “حزب الله”. وسأل: “هل تتخيّلون أن يتحمل الحزب المذكور عون رئيساً بشروط سمير جعجع؟ لعلّ موقف هذا الحزب يترجمه حرص في بياناته وتصريحات مسؤوليه على عدم تسميته “الحكيم” باسمه، لا هو ولا “القوات”. يسميه “الفريق الأخير”. في المقابل يؤكد الجنرال عون أنه في حالة “تكامل وجودي” مع “حزب الله”، وفي حالة انفتاح على الخصم اللدود لهذا الحزب أيضاً”.
يستنتج أحد المشاركين في المجلس السياسي: “لا يقدر عون أن يقترب من شروط جعجع ليؤيد جعجع فكرة انتخابه رئيساً. ولا يقدر أن يطلب إليه إلغاء نفسه وكل تاريخه ومساره. يعرف بلا شك أن الرجل لو كان ليناً وقبل بشروط لا تقنعه لما دخل السجن الرهيب وعاش فيه 11 سنة وأكثر”.
“جعجع منفتح على سلام مع عون وفق شروط سلام، وليس شروط عون”، قال مشارك آخر، موضحاً أنه التقى رئيس “القوات” قبل أيام، وشرح وجهة نظره هو، ملخصها أن المحادثات حققت إيجابيات عدة: إسقاط الدعاوى القضائية من الجانبين، تهدئة إعلامية بعد فورة حملات متبادلة ذكّرت بما كان بين الجانبين قبل ربع قرن.
والأهم أن الرأي العام في الوسط المسيحي يتفاعل إيجاباً ويرتاح إلى أخبار الحوار بين “القوات” و”التيار العوني”. هناك استطلاع لافت نشرته “النهار” لـ”ستات إيبسوس” بيّن أن 90 في المئة منهم يهمهم اتفاق الجانبين بصرف النظر عن الرئاسة ومن سيصير رئيساً. يهمّهم وضع حدّ نهائي للأحقاد التي كانت تعبّر عن نفسها بالعنف الجسدي في الجامعات والثانويات أحياناً، وعدم توريثها من جيل إلى جيل لأنها مدمّرة. ما تحقق من الحوار بين الجانبين جيد جداً، بل ممتاز. وحتى لو تحملت الكلمات تفسيرات شتى، من كان يتخيّل أن يعايد الدكتور جعجع الجنرال عون بعيد ميلاده ويرد عليه الجنرال؟