لم يبدُ رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع متحمّساً لإجراء الانتخابات النيابية الفرعية في كسروان وطرابلس، لكنّه بدا في المقابل متحمّساً لضرورة رفعِ شعار عودة النازحين السوريين إلى بلادهم.
وكشفَ جعجع في لقاء هو الثاني له مع الاعلاميين خلال أقل من اسبوعين في معراب عن مسوّدة تمّ إعدادها مع بعض الحلفاء في الكتل النيابية لتسويقها في مجلسَي النواب والوزراء، والدفعُ لتسويقها في أروقة الامم المتحدة، وتنصّ على وجوب إعادة النازحين السوريين الى بلادهم مهما كلّف الامر، وذلك في ضوء مؤشرات الى هلاك لبنان البيئي والاجتماعي والاقتصادي وازدياد التوتر في العلاقة المباشرة ما بين السوريين واللبنانيين المقيمين تحت سقف واحد.
ورفع سقف خطاب «القوات اللبنانية» تجاه الأمم المتحدة ردّاً على تصريحات أحد مسؤوليها الذي قال «إنّ الوقت لعودة النازحين السوريين لم يَحن بعد». وردّ عليه قائلاً: «نحن من يقول ومن يقرر موعد العودة».
كذلك لم ينتقد جعجع «حزب الله» وأداءَه مثلما كان يفعل سابقاً، فبَدا مُهادناً، إذ عندما سُئل عمّا إذا كان «حزب الله» يتحمّل المسؤولية عن النزوح السوري الى لبنان بسبب مشاركته في الاعمال القتالية؟ أجاب: «لسنا في صدد تحليل تاريخي حول من جَرّ النازحين الى لبنان أكان «حزب الله» او سواه». مضيفاً «أنّ العلاج اليوم هو الأهمّ وليس عوارض المرض».
وعندما سُئل جعجع عمّا اذا كانت مهادنة القوات لـ»حزب الله» تندرج ضمن الاستراتيجية الجديدة؟ اجاب: «هناك أمور لا علاقة لـ»حزب الله» بها، وبالتالي لا نُلبّسه إيّاها. ولكن هذا لا يعني انّ وجوده ما زال مصيبة استراتيجية على لبنان».
ولعلّ جواب جعجع المعبّر كان في دعوته الى «ضرورة أن لا نُشَيطِن «حزب الله» على أي سبب». وكان اللافت في هذا السياق ايضاً حديث جعجع عن تقاطع واضح بين «القوات» وكلّ من حركة «أمل» و»حزب الله» على ملف آليّة التعيينات.
وأبرز المواقف السياسية المباشرة التي أعلنها جعجع امام الاعلاميين في اللقاء تأكيدُه، ردّاً على سؤال، انّه مستعد لزيارة بنشعي «إذا اقتضت المصلحة الوطنية المسيحية»، وذلك على غرار زيارته الرابية قبَيل اتّفاق معراب – الرابية، كاشفاً عن «انّ الحوار مع تيار «المردة» لم يبدأ فجأةً بل هو قديم، وأنّ الديناميكية السياسية تفرض نفسها احياناً لتسريع الامور».
ووجّه جعجع رسالة واضحة الى الامم المتحدة، في حال رَفضت تنفيذ ايّ اتفاق لبناني جامع تسعى اليه «القوات اللبنانية» وحلفاؤها بالنسبة الى تسويق المسوّدة التي يعدّونها وتدعو الى ضرورة عودة النازحين الى المناطق الآمنة في سوريا والتي تزيد مساحتها عن مساحة لبنان عشرات المرات.
وأكّد «أنّ قرار عودة النازحين هو قرار لبناني ويجب ان نكون مُدركين لقوّتنا، وأننا مَن نقرّر موعد العودة ولَو رفضَ كائن مَن كان الأمر». لافتاً الى «أنّ الدولة اللبنانية ستضطرّ مُجبَرةً الى تحميل النازحين في البواخر وإعادتهم الى اراضيهم حتى لو عَلت أصواتُ المعترضين أو تكاثرَت»…
وكان البارز أيضاً في كلام جعجع مؤشّرات الى احتمال عدم إجراء الانتخابات الفرعية، حيث إنّه غير متحمّس لإجرائها، ويسَعى الى إقناع المعنيين بعدم جدواها.
وفنّد ذلك بقوله:
• الانتخابات الفرعية، في حال اتّخذ القرار بإجرائها ستكون بعد ثلاثة اشهر على الاقلّ، اي قبل 6 اشهر من انتهاء ولاية مجلس النواب الحالي.
• هناك إشكالية دستورية تؤزِّم إتمامها، ووفق أيّ قانون ستجري: القديم أم الجديد؟ وبالتالي ستدخل البلاد في جدل ومتاهة حول هذا الموضوع.
• إنّ خزينة الدولة ستتكبّد أموالاً طائلة لإجراء انتخابات فرعية ولملء مقاعد في مجلس ممدّد له، وليس مجلساً أصيلاً.
ويقول جعجع: «إنطلاقاً من انّ المجلس ممدّد له بالفترة التي تفصل عن الانتخابات العامة 6 اشهر، وبوجود قانون جديد لا جدوى من هذه الانتخابات الفرعية».
وفي رأي جعجع «إنّ هذه العوامل: التمديد، مجلس ممدد له، القانون الجديد، تكلفة خزينة الدولة، الفترة الفاصلة عن الانتخابات العامة (6 أشهر)، وفق أيّ قانون ستجرى الانتخابات؟.
وفق كلّ هذه الإشكاليات مجتمعةً، لا أرى أنّ هناك جدوى قصوى لإجراء الانتخابات الفرعية».
وعمّا إذا كان ثمن التواصل مع سوريا مُكلف بالنسبة الى لبنان أكثر من كلفة تداعيات النزوح السوري عليه؟ قال جعجع: «إنّ الحوار مع النظام سيعقّد الأمور اكثر ممّا يُسهّلها، لا بل سيؤخّر عودة النازحين، لأنّ المفاوضات مع النظام ستتبعها عراقيل وتدخّلات سياسية. ونحن مَن نقول «حان وقت العودة» وليس غيرنا.