لم يوحِ كلام المسؤولين السعوديين الكبار الذين التقاهم رئيس حزب “القوات اللبنانية”، بحسب معلومات “النهار”، أنهم يأملون في تغيير إيجابي ما على صعيد انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية أو العلاقة بين بلادهم وإيران أقله على المدى المنظور. رغم ذلك ردّدوا أنهم مقتنعون بدور كبير يستطيع المسيحيون القيام به، يكفي أن مجرد اتفاقهم على اسم مرشح توافقي معيّن يجعل هذا المرشح رئيساً للجمهورية.
تلقى جعجع الرسالة. كان فحوى جوابه أن “العين بصيرة واليد قصيرة. وتعلمون أننا نعاني مشكلة مزمنة جدا في هذا المجال تؤذي مجتمعنا منذ ثلاثين سنة. حاولت شخصياً ومراراً إقناع العماد ميشال عون بمرشح توافقي نجمع عليه. ويا للأسف لم أوفق”.
في الشأن السوري كان التلاقي تاماً في وجهات النظر بين رئيس “القوات” والمسؤولين السعودية: لا حل ولا خلاص إلا بسقوط نظام بشار الأسد. ولعلّ ضوءاً بدأ يظهر في النفق المظلم بعد التطورات الأخيرة في العراق.
ماذا عن لقاء جعجع وحليفه الرئيس سعد الحريري في جدة؟
تقول المعلومات إن اللقاء كان طويلاً وتناول كل الملفات اللبنانية، بدءاً بموضوع الحكومة وما يجري في داخلها وأداء وزراء قوى 14 آذار فيها، مروراً بملف عرسال والعسكريين المخطوفين، والتمديد للمجلس النيابي والانتخابات الرئاسية وصولاً الى العمل داخل قوى 14 آذار. تطابقت وجهات النظر في أكثرية الملفات وساد تفاهم على مقاربة التمديد للمجلس النيابي وتفهّم كل من الحليفين لموقف الآخر. واعتبرا ان الوضع اللبناني برمته يحتاج الى معالجة جذرية وعملية تبدأ في حدّها الأدنى بانتخاب رئيس للجمهورية ومن ثم انسحاب “حزب الله” من سوريا.
وهل في مستطاع قوى 14 آذار التقدم خطوة اضافية لتسهيل انتخاب رئيس؟
كان السؤال هذا حاضراً على طاولة البحث. لكن الرأي استقر أن تعنت الفريق الآخر 8 آذار يجعلها خطوة بلا معنى . وأكد كل من الحليفين للآخر استعداده للقيام بأي شيء توصلاً الى انتخابات رئاسية في أسرع وقت، ولكن مع استثناء هو التنازل للجنرال عون او أي مرشح من فريق 8 آذار.
المناقشة بين الرجلين تواصلت حول مأدبة عشاء أقامها الرئيس الحريري على شرف ضيفه، تخللتها جولة افق كاملة حول أوضاع المنطقة ولا سيما في سوريا. ونقل مرافقون لجعجع قوله في رحلة العودة ان “السعودية هي بما لا يقبل الشك صديق صلب يمكن الركون إليه في أشد الصعوبات”.
نقلت “وكالة الأنباء المركزية” عن “مصدر قواتي مطلع” أن السفير السعودي علي عواض عسيري كانت له مواكبة “مميزة” لزيارة جعجع وكان ينزل في الفندق المقابل للفندق الذي نزل فيه. وأضافت ان السعوديين يقدرون في جعجع حرصه على أمانات المجالس وعدم اعلانه اسماء من التقاهم خارج البيان الرسمي، الا ان المصدر اكد النكهة المميزة للقاءات، بين ما هو رسمي وما هو شخصي ووديّ.
وذكرت أن القادة السعوديين أكدوا أمام جعجع تقديرهم الكبير لرموز لبنانية يشكّل هو سليلها السياسي ، متحدثين عن الرئيسين كميل شمعون وبشير الجميل. وأبدوا ارتياحهم إلى مقاربته للوضع اللبناني، مؤكدين له ان “أهل مكة ادرى بشعابها” وحبذوا الوقوف عند رأيه في الملفات الداخلية اللبنانية.