IMLebanon

جعجع: هدف «حزب الله» من «النسبية» الإطباق على الحكم في لبنان

داعياً «14 آذار» لمقارعة الخصم برؤية استراتيجية… وموازين القوى تعمل لصالحنا

جعجع: هدف «حزب الله» من «النسبية» الإطباق على الحكم في لبنان

إيران قدّمت اقتراحاً: رئيس لا طعم ولا لون له مقابل بقاء الأسد رئيساً لسوريا!

ثمّة فارق كبير بين العرض الأساسي والعروض الجانبية، وبين اللاعب الرئيسي واللاعبين الثانويين على المسرح. حقيقة يدركها جيداً رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، ويسحبها على مقاربته للأمور. على المسرح السياسي اللبناني ثمة لاعبون كُثر على ضفة «8 آذار»، لكن اللاعب الأساسي هو «حزب الله»، وإن تلطى خلف لاعبين آخرين، الذين عندما تدق ساعة الحقيقة يتحولون إلى هامشيين، أو ثانويين، ليظهر الرئيسي. وكما حال اللاعبين كذلك هي حال العروض التي كثير منها هي عروض على الهامش، جانبية يريدوننا أن نتلهى بها لحرف الأنظار عن العرض الأساسي المتمثل بجوهر الطرح السياسي لـ «حزب الله».

«حزب الله» هو المستفيد الأوّل من تعطيل الاستحقاق الرئاسي، يتلطى خلف الجنرال ميشال عون، ولكن في العمق يعمل على تحقيق أهدافه الاستراتيجية. جوهر طرح «حزب الله» يتضح أكثر فأكثر مع ما يتم كشفه من معلومات ومعطيات لدى جعجع، إذ أن إيران قدّمت اقتراحاً، عبر وسطاء، لمراجع غربية في شأن الاستحقاق الرئاسي، وفيه كلام صريح ومباشر أنها تُفرج عن انتخابات الرئاسة لصالح مرشّح «لا طعم ولا لون له» إذا وافقت دول غربية وعربية على بقاء الرئيس السوري بشار الأسد على رأس النظام.

اقتراح، في رأي جعجع، يعكس مدى الرهان الكبير لإيران وحلفائها على تعطيل الانتخابات الرئاسية وما يمكن تحقيقه من مكتسبات خارجية يقابله هدف داخلي لـ «الحزب»، يتمثل بقانون انتخاب يُسهم في وضع يدهم على السلطة اللبنانية بأكملها من خلال قانون النسبية الذي يراهن «الحزب»، من خلاله، على حصوله على الأكثرية التي تخوّله الإطباق على الحُكم.

تلك هي حقيقة المواجهة بين «حزب الله» وقوى «14 آذار»، ولكن «لن نعطيهم شيئاً مما يريدونه، سواء داخلياً أو خارجياً».

لكن المواجهة تتطلب برأيه مقاربة مختلفة من الحلفاء داخل «14 آذار»، فحين تكون أهداف الخصم استراتيجية لا يمكن المواجهة إلا برؤية استراتيجية لا تكتيكية. ذلك أن الأداء التكتي ونظرية أننا «أم الصبي» لم تفض إلا إلى التنازل أمام خصم، كلما حصل على مطلب طرح آخر، في مسار سيؤدي بالنهاية إلى «الانقضاض علينا وأخذ البلد بالمفرّق».

«المواجهة تقتضي أن نراها كما هي وليس كما نريد». رؤية قارع بها جعجع حلفاءه في استحقاقات عدّة سابقة، من حكومة «المصلحة الوطنية» البديلة لحكومة نجيب ميقاتي إلى إتجاه طرح «المرشح التوافقي» في الاستحقاق الرئاسي في بداية المعركة، إلى المشاركة في حوار «ملء الفراغ». كانت مقاربته في تلك الاستحقاقات مختلفة عن حلفائه، مسار أشّر إلى وجود اتجاهين، الأوّل يجنح نحو المهادنة والتسويات وترتيب الأمور «بالتي هي أحسن» يعبّر عنها «تيّار المستقبل» وزعيمه سعد الحريري نتيجة ظروف موضوعية يتفهمها، والآخر أكثر حزماً تعبّر عنه «القوات اللبنانية». هذا الاختلاف في المقاربة لا يزال مستمراً إلى حدّ ما، وإن كانت ثمة ملامح تغيّر بدأت تظهر، لكنها لم تتبلور بعد.

على أن جعجع يُدرك جلياً، أن لا مشروع سياسياً من دون «14 آذار». وإذا كانت اليوم في مرحلة سبات، فإن أحداً لا يمكنه التنبؤ باللحظة أو الحدث الذي قد تنهض من خلاله، ذلك أنها لم تمت، وهي الخط الجامع بين مكوناته، وإن اختلفت المقاربة بين حزب وآخر، إذ أنها ليست تنظيماً حديدياً، ولكل منهم ظروفه وحيثياته. «14 آذار» تشبه المركب ذات الغرف عديدة، فإن غرق لن تنجو أي من هذه الغرف. توصيف يرمي من ورائه إلى الدلالة بأن «القوات» لن تترك «تيار المستقبل»، المستهدف من الخصوم، والذي يُشكّل ثقلاً رئيسياً في مشروع «14 آذار». لكنه من الخطأ أن يستمر الحلفاء يتملكهم هاجس «7 أيار»، إذ أن واقع الجيش اليوم هو أفضل بكثير مما كان عليه سابقاً، وأشك بأن أحداً يفكر بـ «7 أيار» جديدة.

والمشهد الداخلي، وإن كان معقداً، فإنه ليس سوداوياً أو مقفلاً لدى «الحكيم»، فموازين القوى الكبرى أفضل بكثير، وهي «تميل لصالح المشروع الذي يحمله فريقنا. لكن المطلوب الصمود والعمل لخلق كتلة شعبية كبيرة تتمسك بشكل قوي بطرحنا السياسي». هو على يقين أن وضع الفريق الآخر ليس بأحسن أحواله، سواء على مقلب «التيار الوطني الحر»، الذي قد يشهد تنازعاً على السلطة داخله، مع اتجاه العميد شامل روكز إلى دخول المعترك السياسي، أو على مقلب «حزب الله» الذي يغرق أكثر وأكثر في سوريا، إذ أن المعركة لن تنتهي بسهولة ولن تأتي لتصبّ في مصلحة إيران وروسيا في ظل تأكيدات إقليمية ودولية أن لا مكان لبشار الأسد في مستقبل سوريا.

تلك القراءة تنطلق من اقتناع جعجع بأن المنطقة لن تشهد أي اختراقات وهي مفتوحة على تصعيد أكبر، وأن الرهان بأن الأمور وصلت إلى خواتيمها بعد الاتفاق النووي بين الغرب وإيران كان رهاناً خاطئاً. كما تنطلق من اقتناعه بثبات استراتيجية عربية واضحة تقودها المملكة العربية السعودية في مواجهة المد الإيراني بتصميم قوي بدأت ترجمته العملية في اليمن، حيث «الحديقة الخلفية» لدول الخليج، وهو منحى سيستمر ويتصاعد في ما خص الملف السوري أيضاً، الذي بدا واضحاً أن المملكة رفعت من وتيرة موقفها بعد التدخل الروسي واستهدافه مواقع المعارضة السورية المعتدلة، وهو لم يستبعد أن نرى في سوريا، في غضون أسابيع قليلة، أسلحة مضادة للطائرات بيد المعارضة السورية أو مجموعات من دول ما، إن كان ثمة مخاوف من تسليمها للمعارضة. كل ذلك في إطار المعركة المحتدمة هناك، والتي من شأنها أن تعيد رسم المشهد الإقليمي والداخلي على السواء.