IMLebanon

جعجع اقتنع انه الخاسر الاكبر

في ظل خلط الاوراق الذي نتج من قيام رئىس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع بترشيح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية يبقى السؤال المركزي عن الخلفيات والاسباب التي دفعت رئىس القوات الى هذه الخطوة التي اعادت الامور الى المربع الاول؟

وفق معطيات مصادر سياسية بارزة في قوى 8 آذار، فهناك العديد من الخلفيات التي اضطرت جعجع الى اتخاذ هذا القرار، وهو بذلك اراد اصابة اكثر من عصفور بحجر واحد بعد ان تيقن بالملموس ان الابقاء على ترشيحه لموقع الرئاسة لا يغير شيئاً في المسار الذي سلكه هذا الاستحقاق بعد مبادرة رئيس تيار المستقبل سعد الحريري بترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، وبذلك تقول المصادر ان رئىس القوات يدرك ان وصول رئيس المردة سيفقده الكثير من اوراق القوة ابرزها:

1ـ امام اصرار الحريري على الاستمرار في ترشيح فرنجية رغم معارضته والعماد عون لهذه المبادرة شعر جعجع انه سيكون الخاسر الاكبر في حال وصول النائب فرنجية الى سدة الرئاسة، فهو على معرفة ان دوره سيتراجع كثيراً، سواء في منطقة الشمال حيث سيعزز رئىس تيار المردة حضوره الشعبي هناك بما في ذلك داخل قضاء بشري وكذلك على المستوى اللبناني العام.

2ـ ان رئيس القوات يدرك ان دوره وحضوره السياسي سيتراجعان مع وصول فرنجية الى بعبدا، بحيث لن يكون له حضور في الحكومات العتيدة ولا على مستوى كل ادارات الدولة وفي احسن الاحوال سيعطى حصة متواضعة في الحكومة والدولة.

3ـ سيؤدي وصول فرنجية الى موقع الرئاسة الى تراجع زعامته على المستوى المسيحي خصوصاً والوطني عموماً، فعندما يكون رئىس المردة رئيساً للجمهورية سيكون الاخير الوارث الفعلي للعماد ميشال عون، على مستوى الزعامة المسيحية وليس جعجع، وبالتالي سيتمكن فرنجية من التمدد السياسي والشعبي في كل المناطق.

لهذا تقول المصادر ان رئيس القوات اراد من مبادرته بترشيح العماد عون اصابة اكثر من عصفور بحجر واحد كالآتي:

اولاً: يدرك جعجع انه في ظل هذا الواقع الذي استجد بعد قرار الحريري بترشيح فرنجية واصراره على هذه المبادرة انه لم يعد امامه سوى ترشيح «الجنرال» ليقول للخصوم والحلفاء بما في ذلك سعد الحريري انه هو صانع الرؤساء وليس غيره من القوى مهما كان حضورها وتمثيلها.

ثانياً: ان ترشيح عون يراد منه تأكيد حضوره ودورها مسيحياً، وبالتالي يهدف من وراء هذه الخطوة الى تثبيت نفسه كأقوى زعيم مسيحي، خصوصاً ان «الجنرال» اصبح كبيراً في السن، وبذلك يسعى لاستعطاف جمهور التيار الوطني الحر لكي يتمكن لاحقاً من استثمار هذا العطف على المستوى الشعبي.

ثالثاً: تشير المعطيات الى ان حصول توافق غير معلن بين الزعيمين المسيحيين بأن تكون الحصة المسيحية في الحكومة وادارات الدولة باغلبيتها من حصة الطرفين، بالاضافة الى تحسين حضوره النيابي وفي المجالس البلدية من خلال الاتفاق على خوض هذه الانتخابات بلوائح مشتركة.

رابعاً: ان قرار القوات يعطيها نفحة «استقلالية»، اي انها هي التي تقرر ما تريده مسيحياً ووطنياً ولا يستطيع اي طرف داخلي او خارجي فرض املاءاته عليها.

– خامساً: يدرك رئيس القوات انه اذا ما تمكن من تحقيق هذه الاهداف سيصبح لاحقاً حاجة عربية وسعودية بما في ذلك من جانب تيار المستقبل، وهو ما يعني ان الجميع سيعملون لارضائه والتحالف معه.

ولذلك تعتقد المصادر ان القرار الذي اتخذه رئيس القوات سيعطيه مكاسب – ولو مؤجلة – في كل الاتجاهات لا يستطيع الحريري او غيره من القوى الداخلية او الاقليمية اعطاءه اياها، وبالتالي فكل هذه الاعتبارات دفعته باتجاه ترشيح العماد عون.

ويضاف الى ذلك ان ما يحصل من متغيرات اقليمية ودولية ساعدته كثيراً في اتخاذ هذا القرار، تقول المصادر، في وقت تراجع المحور الذي يراهن عليه جعجع على كل المستويات، وهو بذلك «فتح كوة» يمكن ان يستثمرها لاحقاً لكي «يشيك» سياسياً مع حزب الله، طالما ان حلفاءه لم يفوا بوعودهم معه، بينما حزب الله كان اميناً وصادقاً في تحالفه مع العماد عون.

وفي كل الاحوال، ترى المصادر ان مبادرة جعجع احرجت الكثيرين، بدداً من حلفائه في 14 آذار، اذ بات من المستحيل الحديث عن الانتخابات الرئاسية بعيداً عن هذه المبادرة، بل ان المصادر تعتقد ان قرار رئيس القوات اعاد «تعويم» ترشيح «الجنرال» بعد تراجع حظوظه كثيراً نتيجة مبادرة الرئيس الحريري، وبالتالي فحظوظ عون باتت في الحد الأدنى توازي حظوظ النائب فرنجية بالوصول الى موقع الرئاسة، وان كان «تسييل» مبادرة جعجع تحتاج الى تذليل عقبات اساسية داخلية وخارجية تبدأ من اقناع فرنجية وتأييده واضطرار كتلة المستقبل الى السير بقوة الامر الواقع لاحقاً بها، اضافة الى نضوج ظروف اقليمية مؤيدة لوصول عون الى بعبدا.