أكد رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع أنها لن تشارك في الحوار المزمع عقده في التاسع من الجاري باعتبار أنه «سيكون مثل الحوارات التي سبقته، وبالتالي مضيعة للوقت»
«ما بينعسوا الحرّاس» كان شعار احتفال القوات اللبنانية بـ»قداس الشهداء» أول من أمس. والواضح أن حارس معراب هو الآخر «ما بينعس» ولا يتعب من نظم الشعر. همّ سمير جعجع أن يبقى لبنان، حتى لو «مات ثلثه وهاجر ثلثه الثاني وتكدّست النفايات واستشرى الفساد».
سنبقى سنبقى سنبقى، يصرخ، وعلى طريقة المشتركات في ملكات الجمال عند الطلب اليهم وصف لبنان، يجيب: «لبناننا هو لبنان جبران خليل جبران، لبنان شارل مالك، لبنان ميخائيل نعيمة، لبنان الفكر والعلم والثقافة والنظافة، لبناننا هو لبنان الرحابنة، وزكي ناصيف ووديع الصافي». ينتقل بعدها للرد على اتهام «طلعت ريحتكم» لكل الطبقة السياسية بالفساد، مؤكداً أن البعض ليس فاسداً «ونحن على رأس اللائحة». فالقوات «لم تشارك عملياً بأي حكومة الا لضرورات سيادية جمهورية ليس أكثر»: وزير السياحة القواتي جو سركيس مثلاً كان ضرورة لتجميل الجمهورية التي سهر وزير الثقافة السابق سليم وردة على تنشئتها، فيما تؤكد بروتوكولات التعاون الثلاثة مع المحكمة الدولية حماية وزير العدل السابق إبراهيم نجار للسيادة عبر تسليمه البلد لجهات دولية وفتحه تماماً أمامها من دون ضوابط. لذلك كان لا بدّ لجعجع أن يعلنها «ثورة على الفساد بمعزل عن 8 و 14» وبمعزل عن كونه أحد أركان 14 وحليفاً لمن رتّب على لبنان ديوناً بقيمة 70 مليار دولار وكللها بأطنان من النفايات.
«من دون رئيس
لن يصل التظاهر الى أي نتيجة»
في القسم الثاني من كلمته، انطلق جعجع الى هدفه الرئيسي بتسويق نقاط خطته التي بدأها على «فايسبوك» و»تويتر» عبر حسابين أساسيين، «شو ناطرين» و»بدنا»: انتخاب رئيس جديد للجمهورية، تشكيل حكومة جديدة فور انتخابه، انتخابات نيابية على أساس قانون جديد. ولملاقاة المجتمع المدني والتودد إليه، كان ينبغي طمأنتهم إلى أنه «لا تراجع أبداً عن معركة الفساد التي نخوضها الآن». يتابع: «من دون رئيس يُمكننا أن نتظاهر بقدر ما تشاؤون ولكن لن نصل لأي نتيجة… نريد رئيساً يخلصنا من الزبالة». المطلوب الآن من كل الحملات المدنية رفع جعجع على الأكتاف في تحركها المقبل وتزكيته رئيساً؛ لماذا؟ لأنه وفّر الغطاء الميثاقي للمجلس بالتمديد لنفسه مرتين فقط، وكان رأس الحربة في دفن القانون الأرثوذكسي وأي قانون آخر على أساس النسبية كاملة، كما أن لنوابه أخيراً عشرات المشاريع بالتعاون مع البلديات من أجل حلّ أزمة «الزبالة». فأين الفساد واللاديمقراطية في كل ما سبق؟ المهم، «ما بينعسوا الحراس»، والمطالبة بانتخابات نيابية تعيد تنظيم الحياة السياسية والاجتماعية حتى يتمكن الشعب بنفسه من محاسبة نواب جعجع ونواب الأحزاب الأخرى، أمر ثانوي. ينتفض «الحكيم» وتتغير نبرة صوته: «يكفينا فخراً أن الجسم القواتي عصيّ على الفساد»، والفساد هنا لا يشمل النواب المتقاعسين عن أداء واجباتهم والممددين عنوة لأنفسهم بخلاف إرادة الناخب… «هذه هي القوات اللبنانية مؤسسة تحمل همّ قضايا مجتمعها في عقلها ووجدانها وتذهب في التضحية حتى النهاية»، وها هي مناطق الكورة والبترون وزحلة والشوف تشهد على هذه القضايا حيث تزدحم بالمشاريع الاجتماعية من مستشفيات ومستوصفات ومدارس رسمية ومشاريع سكنية للشباب!
«مرتا مرتا تهتمّين بحوارات كثيرة والمطلوب واحد في الوقت الحاضر»، يقول جعجع مقتبساً من الانجيل. فحتى خلال كتابة خطاب لا يُتعّب ومستشاريه أنفسهم في صوغ عبارات جديدة، بل يكتفون بفتح الإنجيل وكتاب جبران. وقد عيّر جعجع في كلمته أول من أمس الحكومة بفسادها، ولكنه في الوقت نفسه طالب رئيس الحكومة تمام سلام منذ حوالى أسبوع بعدم الاستقالة والامساك بالشرعية.