اكثر من مرة رددها حزب الله على لسان مسؤوليه وقيادييه بعدم ترك الجنرال وحيداً في الشارع في يوم الغضب العوني على مصادرة رئاسة الجمهورية وتعيين قائد جديد للجيش، فصحيح ان حزب الله لن ينزل الى الشارع وتجوب مواكبه السيارة في المناطق المسيحية الى جانب التيار لكنه في معركة الرابية طرف مؤثر وحليف داعم وحام للظهر الخلفي للجنرال، والى جانب عون في المعركة المستعرة مع تيار المستقبل تماماً كما فعل في معركة الرئاسة ويرفض كسر عون ولي ذراعه من قبل الاخصام. الوزير محمد فنيش تحرك مؤخراً في السياسة محاولاً اقناع رئيس الحكومة بتهدئة الوضع مع عون وعدم اضاعة التفاهم الذي قامت على اساسه الحكومة، حاملاً رسالة مفادها ان عون محق في مطالبه في موضوع قيادة الجيش، وان الحزب يقف الى جانب عون ومتمسك بآلية العمل الحكومي.
ما يفعله حزب الله والذي يعاكس المشككين والمروجين بان حزب الله ترك حليفه في الداخل لانشغاله بحروبه الكبرى العسكرية في سوريا وعلى الحدود اللبنانية والجرود، قد لا تفعله القوات تقول مصادر مسيحية وهي لن تفعله مؤكداً ولا تستطيع رغم ورقة النوايا وكل الأشواط والكيلومترات التي قطعتها مركبة المصالحة بين الرابية ومعراب، ولكن القوات الحليفة الأساسية للمستقبل لا تقف الى جانبه في المعركة ضد عون وهذا بحد ذاته مؤشر ايجابي لحسن سير العلاقة وورقة التفاهم والنوايا القواتية تجاه الرابية، لا بل فان جعجع رفض فتح دورة استثنائية لمجلس النواب إلا إذا قانون الانتخاب واستعادة الجنسية مدرجان في البنود الاولى للجلسة مطالباً بحصر التشريع بالضروري والعاجل. هذا الموقف حسب المصادر يعتبر خطوة متقدمة في الموقف القواتي الذي يبدو انه بات يزعج ويسبب حساسية واضحة مع المستقبل.
فالقوات لن تشارك في المواكب السيارة التي ستجوب الطرقات في المناطق المسيحية او في الاعتصامات وفي احراق الدواليب والاطارات المشتعلة، ولن تشارك في يوم الغضب العوني والقوات على الأرجح ستكون على الحياد بحسب المصادر، وتلتزم النأي بالنفس عندما ينزل البرتقاليون الى الشارع، ولكنهم لن يكرروا يوم 23 كانون الثاني 2007 عندما بادروا الى معاكسة التيار والعمل ضده، فالقوات لن تكرر الخطأ الأرثوذكسي الذي اساء الى صورتها المسيحية ودفعت ثمنه غالياً من رصيدها لدى الجمهور المسيحي،ولكنها لن تسير عكس السير مع «غضب التيار « او ضده لئلا تعرض نوايا التفاهم لامتحان صعب وقاتل.، او تعرض ما كسبته من التفاهم مع زعيم الرابية للخسارة.
بالنسبة الى المغرضين والمصطادين في الماء العكر بين القوات والعونيين فان موقف معراب اكسبها الكثير ولم يخسرها، فهي احسنت بورقة النوايا وحققت بحسب المصادر ما يلي: انتزعت اعترافاً علنياً وتاريخياً من عون بزعامة جعجع وشعبيته «ألم يقلها جعجع من الرابية باجتماع الكتلتين الأقوى على الساحة المسيحية؟»، واستطاع جعجع ان يؤكد انه ليس الفرق المسيحي المعطل للانتخابات الرئاسية وانه يتقاسم مع ميشال عون زعامة الشارع المسيحي وقد يكون المكسب القواتي الذي سعى اليه جعجع من ذلك التفاهم وراثة الحالة العونية في يوم من الايام. وبحسب المصادر فان العونيين ينزلون الى الشارع وسط مخاوف كبيرة ورهانات بان عون لن ينتزع بالقوة وعرض العضلات في الشارع والمخاطر الأمنية ما لم يستطع تحقيقه بالسياسة من تيار المستقبل ورئيس الحكومة، فيما القوات «تتفرج» من بعيد ولا تنغمس في اللعبة غير المضمونة النتائج، بينما صار واضحاً ان المعادلة اختلفت الى حد بين الزعيمين المسيحيين، فميشال عون «قائد الجيش السابق» وابن المؤسسة العسكرية يخوض لعبة الشارع، وسمير جعجع «الميليشاوي» السابق ارتدى ربطة العنق الدبلوماسية والسياسية لمعالجة التهميش المسيحي وما يصيب الساحة المسيحة.بالمؤكد فان الجنرال ليس مرتاحاً ويضع قلبه على يده في خيار الشعار لكن الخيارات الأخرى لم تعد مجدية. وبعد خسار الرئاسة ألأولى وقيادة الجيش لم يعد لديه ما يخسرة وسيحارب باللحم الحي وبـ «ألاظافر» لانتزاع الصلاحيات والحقوق المسيحية المهدورة، فيما جعجع يراقب من معراب بدون ان تنقطع علاقته بالمستقبل او تسوء وان كانت توترت كثيراً باشتباكات الرابية، فمع الرابية امور معراب باحسن احوالها، وهو يسعى الى التمدد اكثر واكثر وتوسيع ملعبه المسيحي ومد الجسور الى الخصم الكبير في زغرتا ومن يدري الى اين ايضاً مع الطموحات الجديدة لمعراب.