Site icon IMLebanon

جعجع: صفر مشكلات لا صفر مواقف

على وقع التحضير لقدّاس الشهداء الذي سيُقام أيضاً هذه السَنة في معراب لأسباب أمنية، وقد اختيرَ له عنوان «ما بينعَسوا الحرّاس»، يستعدّ رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع لإطلالة إعلامية هي الأولى له بعد زيارته الملكية إلى السعودية، وبعد سلسلة أحداث سياسية كان جعجع أحد صنّاعها، ومنها على سبيل الذِكر الهدنة مع العماد ميشال عون التي سُمّيت بورقة النيّات.

يبدو جعجع مرتاحاً إلى ما وصل إليه من نتائج، فبَعد أن حفرَ الجبل بإبرة منذ العام 2005 وإلى اليوم، ها هو يصل في تموضعِه السياسي الى نتيجة تشبه معادلة «صفر مشاكل»، في وقتٍ يبقى أمامه التحدّي أن لا تتحوّل إلى صفر مواقف، وهذا التحدّي كسبَه أثناء زيارته السعودية والاستقبال المميّز الذي لقيَه، كأحد أبرز الحلفاء لدولة عربية كبرى، يمتدّ تأثيرُها في كلّ المنطقة.

يبدو جعجع مرتاحاً إلى نتائج هدنته مع عون التي خفّفت عنه أعباءَ المواجهة المسيحية-المسيحة، ويبدو مرتاحاً أكثر إلى الموقف السعودي من هذه الهدنة، حيث شجّعَه «الأمراء الشباب»، على الاستمرار بها وتعزيزها، على قاعدة أنّ أيّ هدنة مع طرف كعون، لا بدّ أن تضيف إلى رصيد جعجع وتأكل من رصيد الطرف الآخر الذي يعتاش على تعميق الصراع والكراهية بين المسيحيّين، وقد بَرهنَت الاحداث فيما بعد أنّ القوات كسبَت نقطة هامّة من هذه الهدنة، هي نزعُ ورقة التجييش مسيحياً من يد عون، وهذا ما كان أحد أسباب ضعف التعبئة العونية التي سقطت في امتحانين متتاليين في وسط بيروت.

عمَلياً لا يمكن تطبيق معادلة «صفر مشاكل» في علاقة «القوات» مع «حزب الله»، وربّما هذا هو الاستثناء الوحيد لهذه المعادلة، في ظلّ الهدنة التي تسجّل في علاقة «القوات» مع معظم حلفاء الحزب، من المرَدة الى الرئيس نبيه بري الى غيرها من القوى، التي طبعت علاقتها مع «القوات»،

ولهذا يلاحظ أنّ جعجع يركّز أكثر مواقفه على الأصل متجاوزاً الفروع، ففي السعودية شدّدَ على وضع الإصبع على جرح التدخّل الايراني في لبنان، وعلى دور إيران في تعطيل انتخابات الرئاسة، وهذا ما سيتطرّق له مفصّلاً في برنامج انترفيوز (مع الزميلة بولا يعقوبيان) حيث سيَردّ على خطاب الأمين العام لـ«حزب الله» السيّد حسن نصرالله بما وردَ فيه من إيجابيات وسلبيات،

خصوصاً بما يتعلّق بالشراكة ومفهومها الحقيقي، في الاتّفاق على مبدأ السِلم والحرب، وتحييد لبنان عن التوَرّط في الأزمة السورية، وتحصين الدولة ووضع كلّ الإمكانات بتصَرّفِها، وليس العكس، أي ليس كما يفعل الحزب الذي يغامر بمصير لبنان، وما كلام وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في بيروت عن عدم التدخّل في الشؤون اللبنانية إلّا تزوير لتدَخّل في التمويل والتسليح والإيديولوجيا، وفي توريط طرف لبناني كـ»حزب الله» في كلّ مشاكل المنطقة من سوريا إلى العراق واليمن، وأخيراً وليس آخراً الكويت.

يؤكّد جعجع على موقعِه في 14 آذار كأحد أبرز الصقور في مواجهة مشروع «حزب الله»، بالنسبة له يجب الصمود والتماسك داخل 14 آذار وفي العلاقة بين كلّ مكوّناتها، بانتظار حصول تحَوّلات تسمح بتحقيق تقدّم بالنقاط.

هذا التماسك يتعزّز بتمتين العلاقة مع تيار «المستقبل»، من دون تهديد الهدنة مع العونيّين، وقد كانت لجعجع مواقف وخطوات في هذا الإطار منها زيارة السراي لدعم الرئيس تمّام سلام عندما تعرّضَ للهجوم العوني، أمّا العلاقة مع «المستقبل» فهي ثابتة رغم بعض الحَذر، وتأتي زيارات رموز هذا التيار إلى معراب لتؤكّد المؤكّد، على قاعدة «ما بينعَسوا الحرّاس».