IMLebanon

يحقّ لـ«الحكيم» أن يقلق! إسرائيل تبحث عن مخرج… وجعجع يُشكّك!

    

 

لم يكن مفاجئاً أن ترتفع أصوات أعداء المقاومة في لبنان بالتزامن مع الحملة الإسرائيلية – الغربية عليها. ولم يكن لرئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، باعتباره أحد رموز هذا المعسكر، أن يُفوِّت هذه المحطة للتصويب على المقاومة بالتكامل مع الضغوط الميدانية الإسرائيلية، ليعتبر أن حزب الله غير قادر على الدفاع عن لبنان، وأن هذا الأمر «أصبح واضحاً»!منشأ انعدام المفاجأة أن أصحاب هذه الهجمات يرون في بروز فعالية المقاومة في الدفاع عن لبنان، بشكل صريح ومباشر أمام الشعب اللبناني، تهديداً لمشاريعهم وخياراتهم. لذلك يحاولون التشويش على دورها بالتركيز على التضحيات بمعزل عن الصورة الشاملة، وعلى التشكيك وتسخيف الإنجازات التي يقرّ بها العدو نفسه.

ورغم أن ما أدلى به جعجع لا يصمد أمام معطيات الواقع، إلا أن من المفيد لفت الانتباه إلى بعضها على الأقل. فلا جيش العدو اجتاح لبنان وعجزت المقاومة عن التصدي له، ولا شنّ اعتداءات لم تقابلها المقاومة بردود مدروسة وهادفة، ولا نجح في فرض إرادته. في المقابل، فرض حزب الله قواعد اشتباك التزم العدو بها إلى حد كبير، وعندما تجاوزها بقي مضبوطاً ومحدوداً تجنباً لردود أكثر شدة في العمق الإسرائيلي، والأهم أن العدو لم ينجح في إحداث أي تغيير جدي في مجرى العمليات ولا في المعادلات.

وعليه فإن ادّعاءات جعجع تتعارض حتى مع ما يتم التداول به في الساحة الاإرائيلية في توصيف وضع إسرائيل الحالي بـ«المأزق» و«الفخ». ومن الواضح أن هذا التوصيف ينبع من إدراك القيود التي فرضتها المقاومة على كيان العدو. فالقيادة السياسية والأمنية ليست في وارد شن حرب شاملة لأنها تدرك تداعياتها الخطيرة على العمق الاستراتيجي، فيما استمرار المسار العملياتي القائم يساهم في تعميق هذا المأزق ويُفاقم من الضغوط السياسية والأمنية والاجتماعية. وبحسب الباحثة في معهد أبحاث الأمن القومي في تل أبيب أورنا مزراحي، «يمكن لحزب الله أن يزهو بسلسلة من الإنجازات على الأرض: إلحاق أضرار بمواقع وقواعد للجيش الإسرائيلي؛ الأضرار التي لحقت بوسائل قتالية، بما في ذلك طائرات مُسيّرة؛ تدمير بنى تحتية ومبانٍ مدنية ومنازل ومزارع وخسائر في الأرواح البشرية».

وكعيّنة إضافية على الوضع تدحض مزاعم رئيس حزب القوات اللبنانية بعدم قدرة حزب الله على الدفاع عن لبنان، وصف حاخام قيادة المنطقة الشمالية ابيشام ليفي المعارك التي يخوضها جيش العدو في مواجهة حزب الله بـ«الحرب الدفاعية»، لافتاً إلى أن إسرائيل «لم تفعل ذلك طوال العقود الماضية».

ادّعاءات جعجع تتعارض حتى مع ما يتم التداول به في الساحة الإسرائيلية

 

مع ذلك، إذا ما كان جعجع يعتمد في تقييمه على التضحيات المادية والبشرية التي تقدّمها المقاومة في سياق المعركة، فهل يعني ذلك أن بالمكان خوض أي معركة ضد عدو يتفوّق بالتكنولوجيا والقدرات التدميرية من دون تضحيات؟ والسؤال الأهم: هل ينسحب معياره هذا أيضاً على الكيان الإسرائيلي الذي يقر بأن حزب الله نجح في إقامة حزام أمني داخل شمال فلسطين المحتلة، وأن الجيش لم ينجح في ردع حزب الله، ولا في تعطيل وتقييد حريته العملياتية رغم تفوقه التكنولوجي؟

يبقى أن ما لا يقل أهمية هو ما مهّدت له المقاومة من خلال أدائها العملياتي من إنتاج معادلات تتصل بمرحلة ما بعد الحرب في أكثر من مسار. فعلى المستوى الجوي، لم ينجح العدو في فرض هامش عملياتي مطلق لمُسيّراته على أمل أن يمتد ذلك إلى ما بعد الحرب بعدما نجح حزب الله في إسقاط فخر الصناعة الجوية الإسرائيلية (هيرمز 450، و900) وفي خضمّ أعلى الجهوزية الإسرائيلية. والأمر نفسه ينسحب على الساحة البرية. لذلك، يمكن لجعجع وحلفائه أن يقلقوا من الآن، لأن هذه المعادلات ستمتد إلى ما بعد الحرب حيث ستكون للمقاومة كلمتها في فك الحصار عن ثروات لبنان في مياهه، بعدما سبق أن حرّرت الأرض والمياه.