لم يلاقِ طرح رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع “عدم ممانعته بتعديل الدستور”، قبولا في الوسط المسيحي عموما والماروني خصوصا، باعتباره مجازفة متهورة وغير مضمونة النتائج في هذا الظرف بالذات، وقد ينجم عنها تبدلات جذرية في توزيع السلطة على الطوائف، ما قد يبدل في التوازنات الطائفية والمذهبية القائمة حاليا، ويعرض مشاركة المسيحيين بالسلطة لمخاطرالانتقاص والتغيير، ويؤدي حتماً الى تغيير في طبيعة النظام اللبناني ككل،وهو ما ينعكس سلبا على الوجود المسيحي مستقبلا.
أكثر من ذلك، يستغرب الرافضون لطرح جعجع هذا، إثارة هذا الموضوع الخلافي بامتياز في هذا الظرف،الذي يعصف بالحروب والاهتزازات داخل لبنان والدول المجاورة، ولا يعرف نتائجها وتداعياتها المأساوية، في الداخل وعلى الحدود الجنوبية اللبنانية، في الوقت الذي يتطلب تركيز الاهتمام، لإنقاذ لبنان من المخاطر المحدقة به من كل اتجاه، والمبادرة لإحداث خرق جدي وفاعل لانتخاب رئيس للجمهورية، يتولى اعادة الانتظام السياسي لمؤسسات الدولة وتفعيل دورها لمواجهة تداعيات الحرب على حدود لبنان والحد من مخاطرها واضرارها، والنهوض بالدولة اللبنانية.
وتذهب الجهات المسيحية المعترضة على طرح جعجع لتعديل الدستور، انه في ظل المتغيرات المتسارعة وتكشف طموحات بعض الاحزاب المستقوية بالسلاح،والطوائف الداعية لتغيير الدستور المنبثق عن الطائف، لتثبيت المثالثة بالسلطة، بدل المناصفة بين المسلمين والمسيحيين كما هي حاليا،يبقى التمسك بالدستور الحالي، اضمن للمسيحيين، من الذهاب الى الخوض في غياهب اي دستور، لا يضمن لهم المشاركة الحقيقية بالسلطة وتكريس العيش المشترك مع سائر مكونات الوطن.
ولا يُخفي المعارضون لطرح جعجع، بأن عدم صدور ردات فعل ومواقف وتصريحات من السياسيين والمرجعيات الدينية المسيحية، ولا سيما من بكركي، لا تعني موافقتهم على طرحه، بل تعتبر انه من غير المجدي الخوض في هذا الموضوع حاليا، واثارة المزيد من السجالات والخلافات غير المفيدة في هذا الظرف بالذات، في الوقت الذي يعرف الجميع، مواقف هؤلاء ودعواتهم المتكررة للتمسك بالطائف وحث كل المسؤولين، لالتزام الدستور ولاسيما في موضوع انتخاب رئيس الجمهورية، وتطبيق القوانين على الجميع من دون استثناء، بالرغم من وجود اعتراضات على بعض البنود الواردة في الدستور، والتي ثبت بالممارسة انها تتطلب اعادة نظر وتعديل، لأجل انتظام عمل السلطة والمؤسسات وتحقيق مشاركة افضل لجميع الطوائف من دون استثناء.
ويذكّر هؤلاء المعترضون بأن طرح تعديل دستور الطائف، ليس محصوراً محلياً بالاطراف السياسيين، بل يتعداهم إلى الدول العربية التي دعمت الاتفاق منذ البداية،وماتزال وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية، في حين ان الفاتيكان مايزال يؤكد على ضرورة اعتماد دستور الطائف في العديد من المناسبات وآخرها خلال زيارة أمين سر دولة الفاتيكان بيتروس بارولين الى لبنان في حزيران الماضي.
وفي خلاصة تقييمها لطرح جعجع، يعتبر المعترضون انه أتى خارج سياق الاحداث والتطورات، ولم يحدث تغييرا او تبدلا