شهد الشارع المسيحي عموما و»القواتي» خصوصا، ترقبا حذرا يوم أمس لكلمة رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، خصوصا أنّ إطلالة «الحكيم» جاءت بعد خطاب الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، والذي أعاد من خلاله رسم قوانين اللعبة السياسية، مطالبا «القواتيين» بالتأدب و «يقعدوا عاقلين» والتعلم من تجاربهم وتجارب الحزب السابقة.
وفي هذا الاطار تلفت مصادر سياسية مطلعة في حديثها للـ «الديار» إلى أنّ «الحزبيين كانوا بانتظار خطاب تصعيدي يعيد إليهم «نشوة النصر الزائف» لأحداث الطيونة، حيث توقعوا أن يخرج جعجع بكلمة تشفي «غليلهم»، وتكون استثمارا دسما لهم وله في الانتخابات، فتعيد شدّ العصب في شارعهم المسيحي، الذي بدأت تتراجع فيه شعبية جعجع، بسبب «زحطات القوات» المتكررة بدءا من اتفاق معراب ومرورا بعدم استقالتهم من المجلس النيابي بعد انفجار المرفأ ووصولا إلى محاولتهم تزعّم الثورة، ففضيحة محروقات الصقر».
إلا أنه وبحسب المصادر «جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن»، فجعجع الذي تخيّل لدى البعض أنّ أحداث الطيونة وصّفته زعيما على المسيحيين والحامي والمدافع الوحيد عن حقوقهم بوجه حزب الله، لا بل في بعض الشوارع السنية صنّف بـ»البطل»، ظهر بمظهر الضعيف، مبدداً كل تلك التوقعات».
وفي قراءة لخطابه وانعكاسه رأت المصادر «خيبة أمل لدى جمهوره الحزبي، الذي توقّع خطابا يوازي أو يتفوق على مواقف السيد نصرالله، خطابا مشبّعا بالمواقف التصعيدية والقوية، خطابا شبيها بالرئيس بشير الجميل، إلاّ أنّ «الحكيم» أخفق و»بشير 2» لم يظهر ليل أمس!».
من جهّة ثانية تعتبر المصادر أنّ «الحالة العاطفية التي ظهرت بعد أحداث الطيونة، وما تبعها من تضامن ضمني مسيحي مع جعجع، حتى من قبل غير الحزبيين، والذين ظنوا للحظة أنه قادر على حمايتهم ومواجهة «حزب الله»، تبددت في أقل من 72 ساعة بظهوره ضعيفاً عاجزاً عن التصدي والمواجهة».
وهذه الظاهرة فسّرتها المصادر على أنها «تأكيد واضح بأنّ المطالب الحقيقية للمسيحيين تتمثل بالسلم الأهلي والعيش المشترك وتبادل المصالح والمنافع بين اللبنانيين كافة، وعدم الرغبة بالذهاب مجدداً نحو الحرب الأهلية والتقسيم والفدرالية»، معتبرة أن ّ»الأيام الماضية كشفت أنّ الغالبية الساحقة من المسيحيين لا تؤيد جعجع في خياراته الدموية ولن تسمح بعودة عقارب الساعة إلى الوراء، ولن تقبل بعودته زعيما للمسيحيين على دماء فئة معينة من اللبنانيين».
هذا وشددت المصادر على أن «حادثة الطيونة أطاحت بأي فرصة محتملة لوصول جعجع إلى رئاسة الجمهورية وهو الانطباع الذي أكدته المقابلة».