IMLebanon

زيارة جعجع للسعودية في ميزان الحسابات

أي قدرة للمسيحيين على تحمّل تحالفات خارجية؟

زيارة جعجع للسعودية في ميزان الحسابات

يحق لرئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن يبتسم في سرّه وهو يستقل طائرة خاصة الى السعودية، ويلقى الحفاوة والتكريم الذي حظي به. يحق له ان يشعر بأهمية دوره وموقعه حين يكون الملك السعودي اول مستقبليه، في حين كان التقليد يقضي بأن يكون آخر من يلتقيهم.

لكن الحفاوة السعودية اللافتة بجعجع لها حساباتها وأهدافها. جعجع نفسه ليس بعيدا عن حسن قراءتها وفهم مضامينها. فبعد انجاز الاتفاق النووي التاريخي، شهدت الساحة اللبنانية تحركات سياسية كانت وجهتها، بمعظمها، خارجية، سواء عبر زيارات او اتصالات وتواصل.

ومع ذلك تبقى لزيارة جعجع خصوصيتها. فها هي السعودية ترسل اشارة واضحة الى ان لها حليفاً مسيحياً قوياً في لبنان. حليف يواجه حليف ايران المسيحي، اي النائب ميشال عون. حليف تراجع عن قناعته التاريخية ليؤكد، قبل زيارته السعودية، أنه ضد الفدرالية معلناً تمسّكه باتفاق الطائف. حليف ينتقد، يستنكف، يقاطع، لكنه لا يقطع مع حلفائه، سواء «تيار المستقبل» في الداخل، او السعودية في الخارج. حليف لم يغيّر في خطابه ولا في مواقفه.. حتى حين اقتضت ظروف «المستقبل» وحساباته مواربة في الخطاب ومهادنة.

لكن جعجع الفرد – الحزب، حليف لدولة – مملكة. فكيف يستقيم مثل هذا التحالف؟ اين تتقاطع المصالح واين تفترق؟ ما هي انعكاسات هذا التلاقي؟ ما هي أثمانه؟ وكيف يقرأ «المجتمع المسيحي»، وفق أدبيات جعجع القديمة، هذه العلاقة ومردودها عليه؟

يقول سياسي مسيحي إن «الأحزاب المسيحية الأساسية اختارت الانحياز الى أحد معسكري المواجهة في المنطقة. وهي بهذا السلوك دخلت في لعبة اكبر من ان يكون لها قدرة على التأثير في مجرياتها، فكيف بنتائجها؟ لكن كل فريق من الافرقاء اليوم يطمح في ان يتمكن فريقه من الانتصار على مستوى المنطقة فينعكس ذلك انتصارا له في الداخل اللبناني. هذه قناعة العماد عون في تحالفه مع ايران، عبرحزب الله والنظام السوري، وهذه قناعة الدكتور جعجع في مشاركته الحذر السعودي من الاطماع الايرانية في المنطقة».

يضيف السياسي «تشد ايران على يد العماد عون ويستمر حزب الله في دعمه الى حد اعتبار النائب محمد رعد ان من يُعطل انتخاب رئيس للجمهورية هم خصوم عون الذين يرفضون النزول إلى مجلس النواب لانتخابه. وتدعم السعودية جعجع وتبدي كل الحرص للاستماع الى وجهة نظره ومطالبه، وتفرد له مساحة واسعة على الملعب السياسي لا تعكس بالضرورة حجمه الحقيقي. وفي سلوك هذه او تلك من الدول مصلحة واضحة لها، لكن لا يبدو واضحا اين مصلحة المسيحيين في ذلك».

في سياق الاجابة عن مصلحة المسيحيين في مثل هذه التحالفات يقول اسقف مسيحي إن «على المسيحيين ان ينسجوا افضل العلاقات مع محيطهم القريب والبعيد. فهم اصحاب رسالة وقضية. لكن عليهم الابتعاد عن اية تحالفات تربط مصيرهم بمصير النزاعات في المنطقة. وفي الحقيقة فإن كثيرا من المسيحيين يعبّرون عن انتقادهم واستيائهم من تحالف بعض الاحزاب الاسلامية مع دول خارجية، ويعتبرون ان العلاقات السياسية والتحالفات والصداقات يفترض ان تكون بين الدول وليس بين احزاب او طوائف، فكيف يمارس الساسة المسيحيون ما ينتقدون سواهم عليه؟».

ويتابع» مع تقديرنا واحترامنا لكل الدول، فاننا لا نطمح الى ان يكون خيارنا بين التحالف مع ايران او مع السعودية»، قبل ان يوضح مستدركا «نحن من دعاة تحييد لبنان عن كل ازمات المنطقة والابتعاد عن صراعات المحاور. وما نطلبه من الدولة بمؤسساتها الرسمية بديهي ان نطالب به الاحزاب، خصوصا المسيحية منها. فلا قدرة للمسيحيين على تحمل كلفة مغامرات جديدة او ان يكونوا وقودا في حروب الآخرين. علينا ان نحمل لواء التقارب والدعوة الى الحوار والتوافق وتحكيم العقل والمنطق لما فيه خير هذا البلد وأهله».