الحفاوة التي استقبل بها رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع في السعودية، وافتتاح زيارته بلقاء الملك سلمان بن عبد العزيز، هو ما لفت الانظار، وبدأ الحديث عن هذا الاستقبال المميز لرئيس حزب لبناني، مرشح لرئاسة الجمهورية، ورقم اساسي في المعادلة اللبنانية، كما تم ربط الزيارة بالاتفاق حول البرنامج النووي الايراني بين الجمهورية الاسلامية والدول الست، والتخوف الذي ابدته المملكة منه لجهة توسيع النفوذ الايراني في المنطقة، حيث التقى مع موقف جعجع الذي رأى ا ن نتائج الاتفاق ستكون مزيداً من التخريب الايراني وزعزعة للاستقرار في المنطقة.
هذه التحليلات السلبية والايجابية عن الزيارة، لا تتفق مع ما اعلنه جعجع نفسه، بانها كانت للتعارف على القيادة السعودية الجديدة، وهذا امر طبيعي، وان موعدها غير مرتبط بالاتفاق، وكانت ستحصل قبل اشهر، لولا حصول «عاصفة الحزم» في اليمن، ثم بدء شهر رمضان المبارك، وما ان انتهى حتى تم تحديد الموعد، تقول مصادر قيادية في «القوات اللبنانية» التي تشير الى ان كل ما قيل ونشر وجرى تحليله لم يقارب حقيقة الزيارة التي ينطبق عليها وصف جعجع وهي للتعارف، بالتأكيد جرى خلالها البحث في القضايا الساخنة والتطورات التي يشهدها العالم العربي، اضافة الى الوضع في لبنان، والاتفاق النووي الايراني، وظاهرة التطرف.
فالزيارة ليس لها علاقة برئاسة الجمهورية وتسويق نفسه في السعودية، تضيف المصادر، حيث لم يتم التطرق الى هذا الموضوع، لان رئىس «القوات اللبنانية» واقعي ويقرأ جيدا ان حظوظه في الوصول الى رئاسة الجمهورية، اذا لم تكن مستحيلة فانها صعبة في ظل رفض «حزب الله» وعدم قبول ايران به، وان «رجليه على الارض» تقول المصادر، من هنا فهو في زيارته لم يطرح الموضوع، بل ذهب للتأكيد على تحالفه مع السعودية، وهو يعود الى عقود بين «القوات اللبنانية» والمملكة، ولم تنقطع العلاقة بين الطرفين، وهي مستمرة، و،اراد العاهل السعودي ان يظهرها بأن يكون اول لقاء للدكتورجعجع في المملكة ان يبدأ مع الملك سلمان، حيث خرج رئيس القوات مفعماً بالفرح من التقدير الذي عبّر عنه الملك تجاهه، وما يمثله من مسيرة شخصية وسياسية، تمكن خلالها جعجع من خلالها النجاح واثبات وجود تنظيمه الحزبي في الحياة السياسية اللبنانية، والدور الذي اداه في اتفاق الطائف، بالرغم من اعتراضه على تطبيقه، والاداء الذي مورس بغير ما نص عليه، تقول المصادر التي تؤكد ان السعودية تعتبر جعجع حليفاً صادقاً معها.
فالزيارة ايضاً ليست مرتبطة باتفاق «اعلان النوايا» بين «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر»، تؤكد المصادر القواتية وان المملكة ترحب بكل لقاء وحوار بين القوى السياسية اللبنانية، ومنها الحوار المفتوح منذ اشهر بين «تيار المستقبل» و«حزب الله»، بما يؤدي الى تحصين الاستقرار والوضع الامني في لبنان، وقد نقل رئيس جهاز الاعلام والتواصل في «القوات اللبنانية» ملحم رياشي الى العماد ميشال عون الذي زاره في الرابية، نتائج زيارة جعجع وما تضمنته لقاءاته مع القيادة السعودية، والتي تصب ايجابياً في صالح لبنان، حيث عكس الملك سلمان حرصه على الوجود المسيحي في لبنان كما في الشرق، وان المملكة تعكس موقف الاعتدال الاسلامي، وهي معنية بحماية الوجود المسيحي في المنطقة، وهو ما زاد من اطمئنان جعجع الذي اكد للمسؤولين السعوديين، انه كمسيحي عربي، يرى في المملكة انها تمثل العروبة الحقيقية في زمن استعادة الامبراطوريات العثمانية والفارسية.
وما اطمأن له جعجع هو ان السعودية حريصة على وضع اللبنانيين العاملين فيها بسحب المصادر القواتية، وهي مع استمرارية وجودهم، لان لهم دور كبير في نهضة المملكة التي لن تلجأ الى تدابير تضر بهم ومصاحلهم، وقد ابدى عدد كبير من اعضاء الجالية اللبنانية في السعودية، ارتياحهم الى الاجواء الايجابية التي نقلها اليهم جعجع عن الملك سلمان تجاههم، وشكل لهم اطمئناناً وبأن جعجع بات مرجعية يمكنهم العودة اليها لنقل مطالبهم، وهذه مسألة استراتيجية، في العلاقات اللبنانية ـ السعودية.
فزيارة جعجع تقع في اطار التعارف الشخصي، الذي عززه التعاون السياسي بين «القوات اللبنانية» والقيادة السعودية.