حلفاء «محور الشر» يراهنون على انتصار قريب
زيارة جعجع إلى الرابية مرهونة بتأييده عون رئيساً
يشغل «العونيون» و «القواتيون» الدنيا بحوارهم من قبل انعقاده. كل أسبوع حكاية وكل يوم خبر. هنا مسودة أنجزت، وهناك اقتراح قدم، وبينهما الكثير من الاجتماعات التحضيرية. حيناً يخرج من يرجِّح اقتراب موعد اللقاء وحينا آخر يدخل من يردد أن اللقاء يُطبخ على نار هادئة «لأن ما أفسده الدهر على مدى 30 عاماً لا ضير إن أخذ مزيداً من الوقت لينضج».
صار الطرفان أسيرَي حوار لكل منهما حصته فيه نظرياً وعملياً. استفزهما حوار حليفيهما ليس بذاته بل باحتمال أن تكون الرئاسة بنداً على جدول أعمال «المستقبل» و»حزب الله». لذلك، سَعَيَا إلى إعادته إلى «الحضن المسيحي». ميشال عون يعرف أن حليفه الشيعي سيكرر في حوار عين التينة المعزوفة ذاتها: «ما بنترك عون وما بنرضى بدالو».. وفي المحصلة، سينتصر خيار «من يريد أن يبحث في الرئاسة.. عليه أن يتحدث مع الرابية».
في الانتظار، يصبح الحوار الماروني الماروني الموازي أكثر فائدة.. وهكذا كان.
يسأل أحد النواب العونيين في معرض الانتقاد الهامس لأصل الحوار مع «القوات»: هل يكفي أن يتفق عون وجعجع على اسم الرئيس حتى ينتهي الشغور في بعبدا؟
لكن هذا الرأي ـــ الســؤال لــيس غالـــباً عند العونيين. يعتبر المؤيدون وكفتهم هي الأرجح أن الحــوار إذا لم ينفع.. لن يضر. وحتى لو اعتبر البعض أن جعجع ليس سيد قراره في الموضوع الرئاسي، كونه محكوم بالتزامات داخلية وخارجية يصعب تخطيها، فإن ذلك لا يؤثر على حماسة «الجنرال».
قالها عون منذ البداية. «إذا كنتم تريدون للقاء البحث عن مرشح ثالث، فلا حاجة له». تسليم «القوات» بهذا الشرط، يفتح أبواب بعبدا على مصراعيها.. أمام مخيلة العونيين.
وطالما يستبعد الطرفان الخيار الثالث، لن يبقى سوى عون مرشحاً وحيداً. عندها، سيكون نجاح الحوار محكوماً بإعلان جعجع من على منبر الرابية تأييده ترشيح عون للرئاسة. أي سقف أقل يصعِّب فرصة اللقاء. حتى الدور المسيحي في السلطة لن يكون له مكان في الحوار إذا لم يكن «الرئيس القوي» ركيزته.
يسير عون وجعجع باتجاه بعضهما البعض. جعجع، ربما لأنه أصغر سناً، يسارع الخطى. عون يفعل العكس. يسير بطيئاً، ويعتبر أن اللقاء لن يكون إلا تتويجاً للاتفاق. بمعنى آخر، فإن جعجع لن يزور الرابية لتدشين النقاش الرئاسي بل لتتويجه وتتويج «الجنرال» رئيساً.
وحتى ذلك الحين، لن يتجرأ الطرفان على التملص من الحوار.. سواء عُقد اللقاء أو لم يعقد، خصوصاً أن نتائج استطلاعات الرأي المسيحي تؤكد أن الأغلبية الساحقة من المسيحيين ترحب بالحوار. هذه النقطة تفسر إشاعة أجواء التفاؤل من الطرفين، حتى لو كانت غير دقيقة. يقال إن اللقاء حتميٌ، بغض النظر عن التقدم في إنجاز «إعلان النيات». حتى اسم الورقة المشتركة يبدو محسوباً على قياس اتفاق منخفض السقف، موحياً أنه مقابل من ينتظر انعقاد اللقاء ومباركة جعجع لعون رئيساً، هناك من ينتظر «الانتحاري» الذي سيعلن فشل المفاوضات.
إعلامياً، لا يضع القواتيون «فيتو» على ترشيح عون، لكنهم يقولون إن الرئاسة نتيجة للحوار لا من مسبباته. تلك إشارة يتلقاها بعض العونيين جيداً، لكنهم يضعونها في سياق أوسع. يعتبرون أن جعجع يحسبها جيداً في لحظة إقليمية مفصلية.
وبالرغم من أن لا مؤشرات نهائية حول مآل معركة المنطقة، إلا أن تحليلات بعض العونيين تشي كما لو أن المعركة الإقليمية حسمت لمصلحة «محور الشر» الذي صاروا يفاخرون بالانتماء إليه.
المعادلة بسيطة بالنسبة لهم: إيران تثبّت أقدامها في المنطقة، وفي لبنان أعطت شيكاً على بياض لـ «حزب الله» والأخير جيّره لعون رئاسياً. منسوب الثقة العونية بوصول زعيمهم إلى قصر بعبدا يتصاعد إلى حد الهمس عن البدل الذي يجب أن يحصل عليه جعجع. حتى أن دعوة النائب وليد جنبلاط لإعادة الاعتبار للبعد الوطني للرئاسة لم تؤد سوى إلى زيادة ثقة «التيار» باقتراب موعد وصول زعيمه إلى قصر بعبدا.
أما الحديث عن «فيتو» سعودي، فلا يعيره العونيون أهمية كبيرة، لأن «السعودية لن تتوقف عند الأشخاص في النهاية، وأولويتها تبقى مصالحها الإستراتيجية، والحفاظ على حضورها في لبنان، والأهم الحفاظ على نظام الطائف».