يخوض “العهد القوي” معركة استعادة “المارونية السياسية” تحت عنوان مستتر قوامه “الباسيلية السياسية” بنسخة لعلها أسوأ من سابقاتها، من أجل الحصول على “الثلث المعطل” في الحكومة، من بوابة “الدفاع عن حقوق المسيحيين”، في استراتيجية “غريبة عجيبة”، أمام الأفعال القائمة على تشويه صورة أي مسيحي غير باسيلي في الجمهورية.
من يعود إلى تاريخ “التيار الوطني الحر” وعلاقاته، يخلص إلى ان العونيين خاضوا، لأجل الوصول إلى كرسي رئاسة الجمهورية معركة اقصاء للمسيحيين، وفشلوا في كل الاتفاقيات والتسويات مع الطوائف الاخرى، ولا تقتصر الحملة على الزعامات الحزبية، سواء بمواجهة رئيس “القوات” سمير جعجع أو “الكتائب” أو حتى حليف الحليف رئيس “المردة” سليمان فرنجية، بل تتخطاها لتطال كل من يحمل صفة “الماروني” ويمكن أن يكون منافساً على كرسي رئاسة الجمهورية.
واستغلّ “الوطني الحر” أجواء ثورة “17 تشرين”، للانسجام مع سياسة “حزب الله” في ضرب صورة شخصيتين مسيحيتين مارونيتين.
الأولى: قائد الجيش العماد جوزف عون، بمحاولة دفعه وعناصر الجيش اللبناني إلى الاصطدام مع الثوّار، وكانت واضحة في الأيام الأولى من الثورة، عندما رفض الجيش فتح الطرق بالقوّة، في المقابل كانت التصريحات الداعية إلى “الضرب بيد من حديد” بمواجهة الشعب. كما اتت تصريحات رئيس “التيار” جبران باسيل في احدى مقابلاته التلفزيونية عن اتهام قادة أمنيين بتسهيل، ما زُعم انه “تمدد تركي”، لتصب في اطار تشويه صورة العماد عون الذي استطاع أن يجذب العلاقات الدولية والعربية الى جانب المؤسسة العسكرية، بما فيها أميركا والسعودية، فيما كان باسيل يدخل مرحلة العزل التام والتي توّجت بعقوبات أميركية ترتبط بأعمال فساد. كما أن هناك تجارب انتقل فيها قائد الجيش إلى سدة رئيس جمهورية، وهذا ما يهدد باسيل في تكرار التجربة. وفي الاستراتيجية أيضاً ان ضرب صورة الجيش، مهمة مستمرة لحاملي السلاح غير الشرعي، وما معارك الجرود والاعتداء على عناصر الجيش، والترويج لضعفه، إلا الدليل على ذلك.
الثانية: حاكم مصرف لبنان رياض سلامة. ولكل طرف حساباته، فمن مصلحة باسيل ابعاد هذه الشخصية عن المنافسة الرئاسية، لما يحمله الحاكم من علاقات مع المجتمع الدولي وعدم حزبيته، بالإضافة الى فرض احترامه بين حكّام المصارف الدولية والعربية، وتسجيل موقفين اساسيين له: الأول في اعتراضه على سلسلة الرتب والرواتب والثاني في اعتراضه على عملية عدم سداد ديون “اليوروبوندز”، التي أقرتها حكومة الرئيس حسان دياب وكانت أشبه بإعلان الافلاس. وفي الوقت نفسه، مهمة باسيل في استهداف الحاكم هي للتصويب على سياسات الرئيس الشهيد رفيق الحريري، إلى حد محاولة ابعاد سلامة عن الموقع وتعيين أحد الباسيليين. أما “حزب الله” فيستفيد ايضاً من هذه العملية، لتمتين أجندته القائمة على تغيير هوية لبنان واقتصاده، بضرب القطاع المصرفي، وكانت تحركات “الوطني الحر” و”حزب الله” أمام مصرف لبنان، شاهدة على “الاتفاق العميق”.
وكثيرة هي الشخصيات المسيحية التي تتعرض لمحاولات الاقصاء، سواء في مراكز ادارية من الفئة الأولى، واخرى وصلت إلى حد المواجهة العائلية… فعن أي استهداف للمسيحيين يتحدثون؟