باسيل يخاطب غداً الأخوة في الوطن: الشراكة والتحرر من العقيدة الوصائية!
يطلّ رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، غدا، على المشهد السياسي – الحكومي، من زاوية ستشكّل مفاجأة في أكثر من إتجاه.
أ- هي بالتأكيد ستكون سارة لجمهور التيار الذي بلغ الإحتقان لديه ما يفوق قيادة التيار على إحتوائه سوى بالمصارحة الكاملة. والمصارحة هنا ستتخطى، بحجمها وسعتها، كل ما سبق من مصارحات أبقى فيها باسيل على جانب خفيّ قليل من باب المراعاة. لكن المراعاة لم تعد واردة، تحت إشتداد الضربات فوق الزنار وتحته، المسموح منها والمرذول.
ب – لكنها ستحل وطأة عارمة، خصوصا على خصومه المتآلفين على شيطنته، ممن ثاروا وإتهموا، ماجوا وجالوا، علكوا وكذبوا، بخّوا وإستخبروا، عاكوا وعكّوا حتى إستذاقوا العكّ وإستمرأوه. صيرّوا الرجل مرتكب كل الموبقات والخطايا، مدّمر البلد واقتصاده، ناهب الخزينة والمودعين، كاسر ليرتهم، سائس الموبقات، عاقِر الأمونيوم وناحر قلب لبنان، المتآمر الأوحد ضد أهله مع أشرار العالم وشروره، منظّر حلف الأقليات وصانعه، ربيب آيات الله وتابعهم المخلص، المنبطح جهارا نهارا عند حِفافيّ النظام السوري متسوّلا المركز، متعهد هدايا الأحذية اللامعة لضباطه. والأخطر الأخطر، هو قاهر أهل الطائف وقاتلهم، قاسم المسيحيين وقاصمهم، صالب مخلّصهم ومانع مجيئه الثاني، زارع السموم في أعالي تربتهم، ملوّث عقولهم وناحر قلوبهم وفلذاتهم.
يفعل باسيل ويفتعل كل ذلك، بفجاجة ووقاحة، بعينين فاجرتين غائرتين من شدة ما رمت وإرتكبت وقتلت، بدم بارد، بلا قلب أو أدنى رفّة ضمير، مستلا من فوق طاولة القرار الخشبية الهاتف الأحمر المتّصل بخط مباشر لا يلين ويستكين مع عاصمتي حزب الله وإيران، في الغرفة السوداء إياها ذات الـ20 مترا مربعا، المتوسطة منزله الخشبي في اللقلوق، قلعة القلاع وحصنه المنيع، حيث تربض طائرته الخاصة في باحة المرج الفسيح، وتصطف طوابير الموكب البديع، وتتقاطر المؤامرات زرافات ووحدانا، وتوزَّع أموال الذمم على مواقع إخبارية إستحدثت على قياس دولاراته الطازجة للتقريع بخصومه، بحراسة ميليشياته للتفكّر والترهيب والإستباحة!
يتحدث باسيل الأحد، فيتزامن مع تطور أميركي غير مسبوق في الحوار مع إيران، وحراك إقليمي هائل، ودينامية قطرية قائمة على توكيل دولي لتستحث حلولا متشعبة تُبنى على أنقاض حروب وأشلاء، وحوار محليّ غير مسبوق مع حزب الله في ورقة التفاهم العشرية البالغة 16 عشر عاما كاملة، وإنسداد حكومي يديره بكفاءة قادة النظام العميق مستظلين الداخل إتهاما بالتعطيل، فيما كل الحقيقة أنهم ينتظرون الخارج، ديدنهم ودأبهم، حتى يحررهم من التزامات المساواة والعدالة في التشكيل الحكومي والتوزيع.
يُفترض بباسيل أن يصارح جمهوره والعموم بكل ذلك. أن يقول لهم ان اللبنانيين، ومن بينهم المسيحيون، أملوا خيرا عام 2005 في خروج الجيش السوري وأثقاله، وفي أن المسؤولين عن مأساتهم، من زارعي الطائف وحاصديه، سيعودون الى جادة الصواب، ويختارون التوحد على الشقاق، وينطلقون سويا بالتكافل والتشابك مع من أقصي ونُفي، صوب العبور الى دولة الحق والرعاية، حيث التوازن والاتزان واحترام الحقوق البديهية في التمثّل في مؤسسات الدولة الجديدة القائمة على العدالة، حيث المسيحيون ينزعون ثوب ذمة ألبسوه إياهم إخوة في الوطن مفترضون، تشاركوا طويلا مع الوصاية ليحكموا ويتحكموا.
يُفترض بباسيل أيضا أن يصارح الشركاء المفترضين بأن عقلية الوصاية لا تزال تتحكم بهم، وطيف ضباطها، ساكني البوريفاج وعنجر، ما يبرح قلوبهم ويشل عقولهم، وأن الشريك المسيحي الذي لم يستكن يوما للأصيل، لن يفعل لنسخ مقلّدة تعتقد بقدرتها على إستعادة العقيدة الوصائية the occupation doctrine لضرب الشراكة والإنقلاب على ما تحقق لهذا الشريك من إسترجاع غير مسبوق للحضور والتأثير والكرامة.
يُفترض به أيضا أن يدعو الاخوة في الوطن المكلوم الى التحرر من متلازمة الوقوع في غرام السجّان، من الفساد والإفساد، من التفسيد والاستخبار، من زرع الشقاق والتفرقة، من قضم الحق بالشراكة الكاملة غير المنقوصة كالسيادة. فالتحرر من كل ذلك هو السبيل الى العبور الى الدولة المركزية بقرارها السيادي الدفاعي والخارجي، محرِّرةً أهلها باللامركزية الإدارية والمالية، أبرز بنود الطائف المعلقة. ولا يُعيب هذا التحرر أو تلك الدولة المتخيّلة، الجميلة، أو يقزّمهما، لا القذف بتهمة التحريض الطائفي ولا القدح بدعاتها وراغبي الشراكة الحقّة.