هل من عقدة غير تسمية الوزيرين المسيحيين المتبقيين اللذين يريد الفريق الرئاسي تسميتهما ويرفض أن يسميهما الرئيس المكلف سعد الحريري، في الصيغة الحكومية من 24 وزيراً على قاعدة الثلاث ثمانات، ومن دون ثلث معطل؟
وهل من عقدة ثالثة غير تلك المتعلقة بتسمية وزيري العدل والداخلية، حيث يريد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أن تكون تسمية من يتولى الثانية من حصته، وأن يكون مارونياً بدلاً من الأرثوذكسي الذي اقترحه الحريري في الصيغة التي قدمها له في 9 كانون الأول الماضي بالـ 18 وزيراً، وباتت من الماضي؟
حاول الساعون إلى دفع الحريري كي يبادر ويقدم اللائحة الجديدة لعون، إلى حصر العقد المتبقية، على قاعدة تفترض أن رئيس الجمهورية ورئيس “التيار الوطني الحر” غادرا نهائياً فكرة التخلص من الحريري و”سلّما” بأنه سيرأس الحكومة العتيدة، وفق ما أعلنه باسيل في الجلسة النيابية السبت الماضي.
المخرج لتسمية الوزيرين المسيحيين في شكل يجنّب الحكومة حصول فريق الرئاسة على الثلث المعطل مواربة، جاهز شرط التأكد من أن هذا الفريق غادر نهائياً هذه المواربة التي تمكنه من تعطيل الحكومة إذا تألفت. وأول من يريد التأكد من أن لا ثلث معطلٌ، هو “المستعان” به لتسهيل التأليف رئيس البرلمان نبيه بري المتشدد في هذا الشأن مثل الحريري وأكثر. ولا صحة لما يشاع عن أن هذين الوزيرين المسيحيين سيكونان من حصة بري أو أي فريق آخر. وبالنسبة إلى الحقيبتين، المخرج كان قضى بأن يسمي الرئيس المكلف وزير العدل ويقبل به رئيس الجمهورية أو يطلب تعديله، والعكس بالنسبة إلى حقيبة الداخلية، أي أن يسمي رئيس الجمهورية من يرشحه لتوليها، على أن يقبل به الحريري ويطلب اقتراح غيره، وهكذا دواليك إلى أن يستقر الأمر على الإسمين لكل من الحقيبتين.
بعد التفويض العلني من قبل الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله للرئيس بري، بات الفرقاء يعتقدون أن المحاولة هذه المرة جدية وأنها قد تكون الفرصة الأخيرة. فالتفويض جاء بعد نقاش طويل بين الثنائي الشيعي انتهى إلى ما أعلنه نصرالله، والذي يعني أن “الحزب” سيبذل جهداً إلى جانبه التزم به علناً أيضاً.
بات الفرقاء كافة في مأزق ومحشورين. الحريري يفترض أن يحسم موقفه بالمبادرة والاستعداد لتسوية مع عون، بمعاونة بري والبطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي أيضاً هذه المرة، مهما كانت الموانع أو العقبات الداخلية أو الخارجية. فالأخير حين طالبه بالمبادرة عند لقائه بعيداً من الأضواء، وعده أيضاً بالمساعدة على تسهيل مهمته بعد أن يطلعه على التشكيلة المحدثة التي طالبه بالمبادرة إلى تقديمها لعون، عبر علاقته مع الأخير. وعليه هناك تحدٍ على الحريري أن يخوضه بلا تأخير، إثر الالتفاف النيابي حوله.
وإذا كان باسيل اعترف في كلمته في البرلمان بأن “البلد كله مكسّر والعهد ورئيسه والمجلس النيابي وكل شعبنا مكسّر”، مستنتجاً بأن “الأولوية الإسراع في تأليف الحكومة”، فإن الترجمة العملية لذلك هو الإقلاع عن فرض الشروط التي تكبل الحريري أو استفزازه. فعون مثل الحريري محشور بعد أن سأله البطريرك في أحد لقاءاته معه: “هل تفكر أي بلد ستسلم عند انتهاء ولايتك؟”.
وفق المعطيات عن الفرز الذي حصل داخل الفريق الرئاسي وفي “التيار الحر” نتيجة ارتدادات الجلسة النيابية التي انتهت بتثبيت تكليف الحريري، أي منهما سترجح كفته في الأيام المقبلة، بين من استنتج أن نهج باسيل الذي سيطر في الأشهر الماضية يجب تغييره بعدما سبب خيبة كبرى، وبين تيار داخل “التيار” يرى أن “حزب الله” خذله بالانضمام إلى وجهة نظر بري، ولا بد من التشدد رغم ما أعلنه نصرالله؟