Site icon IMLebanon

جوعُ باسيل للسُّلطة يُهدّد البلد المأزوم

 

في خضمّ أزمات لبنان الصحيّة والماليّة والاقتصاديّة والمعيشيّة والامنيّة وتشعّباتها الخطيرة، وفي الوقت الذي بات فيه اللبنانيون يقارعون تفشّي وباء «كورونا»، يقوم هذا الوباء اللّعين نفسهُ بإعطاء جرعة إنعاش للطّغمة السياسيّة وتأجيل سقوطها.

 

في هذا الزّمن القاتم والحرِج يخرج جبران باسيل على اللبنانيّين، وهو الذي أسقطته الانتفاضة ووضعته في مصاف الشخصيّة السياسيّة الأكثر كرهاً، مُتسللاً من جديد الى المشهد السّياسي بين وجع الناس وانشغالهم بالوباء محاولاً تدعيم موقعه على المستوى الداخلي تارةً عبر ركوب موجة مواجهة تفشّي فيروس «كورونا»، وتارةً أخرى عبر محاولات السّيطرة والاستيلاء على كل المواقع في الدولة من أعلى المراتب إلى أصغر موقع فيها.

 

صحيح انّ باسيل لم يعُد جزءاً من الحكومة، لكنه موجود دوماً في قصر بعبدا طوال ولاية الرئيس عون المتبقّية، وسيستمرّ في العمل على التحكم بالحكومة بوسائل عديدة. ولا يخفى على أحد أنّ سرّ نفوذه يكمن في الدّرجة الأولى في تمسّك الرئيس عون به وثمّ في ورقة اتفاق مار مخايل الذي جمع حزب الله بعون عام ٢٠٠٦، وأخيراً في توريثه رئاسة الحزب المسيحي الأوسع تمثيلاً.

 

كل هذه الأمور مكّنت باسيل من لعب دور الوصي على الدولة، ما سمح له بتعطيل تشكيل الحكومات خلال العقد المنصرم، وفرض شروطه على أي حكومة تتشكل في البلاد، وهو ما أسس لمرحلة جديدة من العناد والتعطيل وفرض الأسماء، لم يشهدها لبنان منذ عقود.

 

إنّ المُشكلة الاساسيّة مع هذا الرّجل انّه مسكون بحبّ السّلطة مهما كانت الاعتبارات ولو على حساب البلد المأزوم أصلاً، وهو لا يكلّ من محاولة السيّطرة على مفاصل الدّولة وانتزاع الحصّة المسيحيّة من التعيينات كلّها باعتبار ان حقوق المسيحيين وما لهم يجب ان تكون بيده حصراً، وهو الذي طالما قدّم نفسه إلى اللبنانيين على أساس أنه الرجل الأقوى في هذا العهد، وشرع في بناء صورته على أساس أنّه «الرئيس الحُلُم» للبلاد ومنقذ المسيحيين في لبنان والشرق.

 

ولا يقف باسيل عند هذا الحدّ بل شمل طمعه المواقع غير المسيحيّة في الدّولة، وهو الأمر الذي جعله في احتكاك سلبي نافر مع بقية الأفرقاء المتضررين من حضوره المستفزّ، وجزء من المتضررين هم من حلفاء باسيل وحزب الله.

 

بالنتيجة لا مصلحة لأحد في ممارسة لُعبة الرّقص على حافة الهاوية التي يقودها باسيل ويجرّ لبنان إليها، كما أن أحداً لا يضمن ألاّ يتسبّب تهوّره ونهمه للسّلطة في انزلاق البلد نحو مواجهات لا أحد يستطيع الإمساك بخيوطها.

 

إن تُنذر مواقف باسيل وتصرّفاته وتصاريحه الصّاخبة بشيء فهي بأنّ الوضع اللبنانيّ سيكون كارثيّاً في حال وصل الى كرسي رئاسة الجمهورية، لا سمح الله.