كلام رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، بأن إعتذار الرئيس المكلف سعد الحريري عن تشكيل الحكومة الجديدة، يحزنه، ويصفه بالخسارة وليس بالربح له والى فريقه السياسي، كان يمكن ان يحدث صدى ووقعا مؤثرا، في الوسط السياسي والشعبي، لو كان صادرا عن سياسي بارز او زعامة سياسية مرموقة، تتحلى بحد مقبول من الصدقية والجدية وحسن الأداء السياسي والوطني لدى اللبنانيين. ولكن ان يصدر هذا الكلام عن سياسي كباسيل، صاحب مسيرة سوداوية، حافلة بالموبقات، وسوء السمعة والاداء، والنافخ في ابواق الاستفزاز الطائفي والمذهبي، لم يلق سوى عبارات الاستهزاء والاستنكار وردود الفعل الرافضة. فلو كان رئيس التيار الوطني الحر، يتمتع بادنى حد من الاحساس بالحزن الذي يدعيه بمشاعره، لكان اختصر الوصول الى هذه المرحلة الصعبة والمعقدة التي يواجهها لبنان في الوقت الحاضر، باداء سياسي وسلطوي، يقرب بين اللبنانيين، ولا يباعد بينهم. لو كان باسيل صادقا في كلامه، وهو ليس كذلك على الاطلاق، لما افتعل كل العراقيل والعوائق علانية، وأمام الرأى العام، لتعطيل مهمة رئيس الحكومة المكلف منذ اكثر منذ ثمانية اشهر، ودفع بلبنان، بتماه مع حليفه حزب الله، إلى حالة الانهيار التي يعيشها اليوم.
لا يمكن للتظاهر بالحزن والندم من قبل رئيس التيار الوطني الحر، ان ينطلي على اللبنانيين بهذه البساطة، وان يمر عليهم مرور الكرام، وهم الذين عايشوا بشاعة ممارساته السياسية وادائه الفاسد بادارة وزارة الطاقة التي يحصدون الان نتائجها الكارثية، بانقطاع كلي للتيار الكهربائي بعد هدر عشرات مليارات الدولارات وسرقتها وهو الذي وعدهم مرارا بتوفير التغذية بالتيار ٢٤ على ٢٤ ساعة قبل عشر سنوات خلت.
يعتقد باسيل انه باسلوب الكذب الذي يتفوق فيه بامتياز، قادر على محو ذاكرة الناس وتجاوز سجله الحافل، بشتى الارتكابات، منذ ما قبل بداية عهد عمه المشؤوم. بتعطيل تشكيل الحكومات، الاستحقاق الرئاسي، التعطيل المتعمد للاصلاحات وقطع الطريق على تنفيذ مؤتمر سيدر والمساعدات المنبثقة عنه، وصولا إلى قطع كل سبل ومحاولات تشكيل الحكومة الجديدة، تحت شعارات ومطالب تتجاوز النصوص الدستورية تحقيقا لمصالحه الشخصية والسياسية الخاصة على حساب آلام الناس ومعاناتهم.
فعل الندامة الذي يتلوه باسيل على إعتذار الحريري، لم يعد ينفع الان، لانه فوت كثيرا من الفرص التي اتيحت له ولعمه، للتعاون الايجابي مع الرئيس الحريري للنهوض بلبنان ولتحقيق انجازات يفاخر بها العونيون خصومهم، ويخشى ان تكون آخر فرصة لابقاء العهد يتنفس، قد انتهت مع اعتذار الحريري عن تشكيل الحكومة الجديدة.