بدأ الرئيس المكلف نجيب ميقاتي مسيرة تشكيل حكومة يريدها من دون مناكفات او مهاترات. ومن دون أن يحدد مصدر المناكفات والمهاترات.
لكن المكتوب يُقرأ من عنوانه على ما يقال. والعنوان جاء في تصريح رئيس الظل والصهر الآمر الناهي فور خروجه من “مشاورات رسمية” مع عمه الذي لا يرد له طلباً، حتى لو كان لبن العصفور.
“في ظل عدم ترشح فيصل كرامي”، إفتتح الصهر الآمر الناهي شروطه وتحذيراته. لم يتعب نفسه بالشرح عن مغالطة مبدأ “الترشُّح” لمنصب رئيس حكومة، يفترض أن تتم تسميته بموجب الإستشارات النيابية الملزمة، ليستفيض في فذكلة نسف الدستور لجهة عملية التكليف والتأليف، التي يجب أن يتم ترتيب فصولها قبل التسمية بشهر على الأقل لتناسب شروطه وامتيازاته، ما يلغي دور ممثلي الشعب من جهة، ويلغي دور رئيس الحكومة المكلف من جهة أخرى.
ليستتبع فذلكاته برفض تسمية أحد في تلميح واضح، فقط للقول إن زمن رئيس الحكومة السني القادر والفاعل والواقف على المستوى ذاته مع رئيسي الجمهورية ومجلس النواب انتهى إلى غير رجعة. فالزمن اليوم هو زمنه. وبيده إلغاء أي شخصية سنية مهما مثلت في الشارع، ومهما حظيت بدعم دولي.
لم يتحدث يوماً الصهر الآمر الناهي عن ضوابط للرئيس الأول تستدعي إعادة النظر في تمنعه عن تطبيق الدستور، لأن العكس هو ما يبتغيه.
فالهدف الأسمى هو إعادة الوزير الأول حامل أختام وموظف درجة عاشرة تحت إمرة ساكن بعبدا. وهو ما يقوم به ويوحي لعمه أن يقوم به، إن بالتعطيل أو بشلّ المؤسسات على حساب المواطنين إلى أن يقضي الله أمراً يسمح بتغيير النصوص والمواد الدستورية على قياس وريث العهد القوي.
وبذا يتمّ إيهام المسيحيين أنه البطل المغوار الذي استطاع استعادة حقوقهم الطائفية الغرائزية.
أما عن حقوقهم كمواطنين وبشر، فذلك لعمري محتقر بالقياس إلى القضية الأساسية التاريخية.
هذا في الظاهر.. لكن ماذا عن الصورة الخلفية؟
لمن يجيد قراءة الظلال، يبدو واضحاً أن قائد الاوركسترا الفعلي هو المستفيد الأول من هذا التدمير الممنهج لانتظام الحياة السياسية بأسسها، مع صون المنظومة الفاسدة التي تشتري مناصبها، سواء بالولاء المعلن أو بالولاء المحجَّب لصاحب الزمان وممثليه على الأرض اللبنانية.
ولا صعوبة في فك طلاسم هذا الوضوح الساطع. فالصهر المدلل لا قيامة له ولا حيثية له ولا حتى كتلة برلمانية وازنة، ربما يفوز نوابه بأصوات يؤمنها من يلتزم بفتاوى المحور، لكن ليس بما يكفي ليصادر التمثيل المسيحي.
وربما لا فرصة له شخصياً بالحصول على مقعد نيابي في منطقته من دون دعم المحور الإيراني بتشكيله اللبناني المسلح.
بالتالي، يسود مبدأ “شيلني.. أشيلك” يزهر ربيعه بين “الحزب” والصهر الملتزم بالمضمون من خلال السوابق المسجلة، إن في أرشيف السياسة الداخلية أو الخارجية، ومع هوامش واسعة للعب في كواليس مصير البلد.
لذا يصبح متوقعاً ما ينتظر نجيب ميقاتي.
ومع التمنيات بأن تكذب التوقعات، لا يبدو أن باستطاعة الرئيس المكلف الاستمرار في التأليف من دون تنازلات على قياس من يهندس لنا مصيرنا وبواجهة الصهر المدلل..
وإذا لم يتنازل وضاق ذرعاً بالمناكفات والمهاترات، فالظل الذي لم يترشح لأنه لم يتلق الأمر بذلك، حاضر وعلى جهوزية كاملة ليحمل الأختام..
وكأسك يا وطن في البال..