IMLebanon

حرّاق خرّاق

 

“إذا فكر حدا يحرقنا سنحرقه” واحدة من آخر المأثورات الجبرانية، التي اعتاد إطلاقها في مقابلاته أو مونولوغاته المتلفزة، هرقل المنتصر على الفرس فعلها ورد على محاولات إحراقه بحرق سلّاف أعدائه. أغدق الرئيس على صهره باقة من الأوصاف “ذكي ونشيط ومجتهد وكفؤ وفولاذي” وما لم يقله “بيّ الكل” في مديح الصهر أن تلميذه “حرّاق خرّاق متفجّر” فحذار الدوس على ذيل ثوبه الأميري.

 

إعتداد الصهر الأبيض بنفسه من سمات غروره الفاقع، وهو من قال في لحظة تحدٍّ “سنجرفكم في لحظة لم تتوقعوها”، غرور جبران يحاكي غرور بطل الملاكمة الأسطوري، الذي تنسب إليه هذه العبارة: “حتى إذا حلمت فقط بهزيمتي من الأفضل لك أن تستيقظ وتعتذر” ومن فكّر في منامه أنه سيحرق جبران سياسياً فعليه أن ينهض ويعتذر من جمهور التيّار الجارف. الفارق الرئيس بين كلاي وجبران أن سنيّ الأوّل مثقلة بإنجازات من الوزن الثقيل.

 

يزاوج جبران (الثقيل) دائماً، بين كونه مستهدفاً بشخصه، كرمز إصلاحي وتغييري كبير، وبين امتلاكه، كأوّل في تراتبية العرش العوني، أوراق قوة مكشوفة ومستورة، يستعملها كلما انحشر الدق ومنها الحرق والجرف وقلب الطاولات على الجميع.

 

وها هو في زمن الحرائق المتنقلة بين مناطق عكار والشوف والهرمل، يهدّد بحرق أعدائه وخصومه وكل من يفكّر بحرقه. واقع الأمر أن جبران يفكّر بحرق البلد ومستقبله إن لم يُستجب لإرادة فريقه السياسي، مستعيداً تجربة رائدة في التاريخ المعاصر، حيث احترقت منطقة سيطرة حكومة العماد ميشال عون. إحترقت الطروحات الإنتحارية. إحترق العسكر على الجبهات…إحترق الأخضر واليابس ولم تنل شرارة من طرف الثوب الطاهر.

 

ما معنى حرق جبران سياسياً اليوم؟

 

وقف هيمنته على وزارة الطاقة وكل الطاقات وإسنادها إلى اختصاصي لا يتلقى التوجيهات منه كوصي على الحقيبة الدسمة؟

 

أو إبعاد “عمداء” العهد عن وزارة الداخلية والبلديات والشؤون القروية على مشارف الإنتخابات النيابية إن حصلت؟

 

أو التسليم بدور نجيب ميقاتي كرئيس حكومة مكلّف بتشكيل فريق متجانس لا بإدارة حلبة ديوك هندية؟

 

أو بعدم الإستجابة الطوعية لدفتر شروطه؟

 

وكيف سيحرق “الهرقلي” الجديد خصومه؟

 

أبتعريتهم رجالاً ونساءً وسوقهم إلى المحارق؟

 

أباستقالته ونواب تكتّله، أو من سيبقى منهم، من مجلس النواب؟

 

أبكشف محاضر سرية تقوّض أمبرطوريات؟

 

أبشراء ستوكات الألعاب النارية من عند قيصر عامر وإطلاقها دفعة واحدة على بيت الوسط ومعراب وكليمنصو وعين التينة ( بربور سابقاُ)؟

 

أبنهج التعنّت والتشدد والحزم باسم الميثاقية حتى لو لم يبقَ ميثاقي مسيحي واحد على أرض لبنان؟

 

أبمواصلة المعارك الإصلاحية الدونكيشوتية وما عاد مع اللبناني المتوسّط الحال سابقاً ثمن إصلاح دولاب مبنشر؟

 

يا حرّاق يا خرّاق يا… حرقتم سلّاف الجمهورية ومسّينا وسنسفيلها بالتكافل والتضامن مع إتحاد قوى التعطيل.