بوسعنا أن نؤكّد للرئيس نجيب ميقاتي أنّه إن كان يعوّل على مسألة الفهم ومن يفهم بأنّ مهلة تشكيل الحكومة غير مفتوحة، أنّ الفريق المعطّل من العهد إلى الصهر لا يفهم ولا يريد أن يفهم ولا يريد حكومة من الأساس وأنّه سيفعل به ما فعله بالرئيس سعد الحريري، وأن الرئيس المكلف هو الذي عليه أن يفهم أنّه يتعامل مع التعنّت والتشبث بالرأي بذاته وما عليه إلا أن يلقي نظرة على تجربة العامين 1989 و1990 وما أوصلتا لبنان إليه ليفهم ما واجهه سعد الحريري وظنّ أنّه باستطاعته تطويع الواقع بالدعم الفرنسي، لذا ما ينتظر الميقاتي ليس بأفضل ممّا وصل إليه الحريري!!
يريد العهد وصهره حكومة يسيطر بواسطة وزارتيْ الدّاخلية والعدل فيها على نتائج انتخابات العام المقبل لأنّ المجلس النيابي الذي سينتج عن هذه الانتخابات سينتخب رئيساً للجمهوريّة وجبران باسيل والعهد يريدان الاستمرار في السيطرة على قصر بعبدا بالوراثة، والعهد يفضل مئة مرّة أن يبقى العميد محمد فهمي وزيراً للداخليّة من أن يتنازل عن مطلبه المتشدد في ضم وزارة الداخليّة إلى حصّته وليبقَ البلد معطّلاً حتى لو تدخّلت كلّ دول، ألم يحدث أن تدخّلت دول العالم كلّها وعلى رأسها الڤاتيكان في العامين 1989 و1990 وكلّها لم تستطع تغيير شعرة في القدر اللبناني المحتوم بالتدمير الذاتي الانتحاري، وها نحن نعيش نفس القدر وتداعياته الكارثيّة من جديد، ولن ينتهي هذا العهد إلا والبلد ركام على ركام!!
كابوس الخوف شديد هذه المرة على اللبنانيين، الجميع يعلم أن المشهد مشابه للأفق المسدود عام 1990 دول العالم كلّها أرادت مساعدة لبنان، ولكن و»لأنّ العند يورث الكفر» وصلنا إلى 13 تشرين، ولم يكن هناك يومها حلم تحقّق ولا رئاسة تمّ نيلها، ولم يكن هناك الوريث جبران، اليوم كلّ هذه متوفّرة والعند أشدّ وأمرّ وأدهى لأنّه عناد جبران الصهر الذي يسعى للإمساك بالرئاسة والبلاد وإن ادّعى غير ذلك!!
منذ «التسوية» الميتة إلى هذا الحال، كانت هذه أسوأ معادلة حلّت باللبنانيين اعتقدوا أن المحاصصة ثمن التسوية، لا يجوز التطاول على الدستور من قبل رئيس الجمهورية إلى هذا الحدّ فحقوق رئيس الحكومة نص عليها الدستور بعد حرب كلّفت البلاد حروباً استمرت خمسة عشر عاماً، والحقيقة أنّ العيب في ذهنيّة الرئاسة لأنها السبب في تعقيد التأليف، يحتاج لبنان بأزماته المتعدّدة الأوجه إلى معجزات تخرجه من حال إلى حال، معجزات كثيرة، ولا تلوح في أفق لبنان المحلي ولا العربي ولا الدولي حتى الساعة لا معجزة ولا من يُعجزون!
بعد غدٍ يمرّ عام على تدمير نصف بيروت ومرفئها في جريمة موصوفة ضد الإنسانية زلزلت لبنان في 4 آب 2020، عندما تستغرق محاولة تشكيل حكومة عاماً كاملاً من عمر العهد وعندما يقوم جبران باسيل بممارسة دوره في شلّ تشكيل أي حكومة، فيما البلد على حافة فتنة كبيرة وتفجير واضطراب أمني ينوء أمام ثقلها وأمام عواصف الموت الّذي يهزّ لبنان بعنف، طالما حزب الله محتفظٌ بصواريخه وسلاحه ويفرض منظومته السياسيّة الإرهابيّة، هل على اللبنانيين أن ينتظروا كارثة جديدة في وقت تشكيل حكومة لن تتشكّل وأمام دولة تدّعي أنّها مشغولة بما ينزل بالشعب من مصائب فيما مسؤوليها يتقاسمون في ما بينهم ما تبقّى من ثياب «الميّت» لبنان وشعبه؟!