Site icon IMLebanon

باسيل في “عين التينة”… بوادر مرحلة جديدة عنوانها التهدئة

 

على مدى ما يزيد على الساعة إستغرق اللقاء بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل. جلسة طويلة لم يدع الجانبان شاردة وواردة في السياسة الا وبحثاها. شكل اللقاء ضرورة قبيل اجتماع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مع من أكد حضوره من رؤساء الكتل النيابية اليوم في بعبدا. بروتوكولياً يمكن تصنيف الزيارة على انها دعوة مباشرة وضمان لحضور بري اللقاء، وسياسياً من باب التأكيد على دوره كصلة وصل بين الاطراف، وتشريعياً لما يحتاجه الامر من تنسيق في المرحلة المقبلة لإقرار سلسلة تشريعات قد يحتاجها تطبيق خطة الحكومة الاقتصادية.

 

وفق توصيف باسيل كان اللقاء “ممتازاً”. كل ما احيط بالزيارة شكلاً ومضموناً يؤكد إيجابيته. منذ لحظة دخوله عاجل بري لاستقبال ضيفه بحفاوة لتدور بينهما دردشة “على الواقف”، بادر خلالها بري للحديث بتلقائيته المعهودة عن كورونا ومستجداته.

 

يمكن القول إنه لقاء تطييب خواطر بادر اليه باسيل على سبيل التأكيد على دور رئيس مجلس النواب الذي سيشارك شخصياً في لقاء بعبدا اليوم، خصوصاً ان بري بذل جهداً في اقناع العديد من الشخصيات لحضور اللقاء، فزكا زيارة رئيس “الاشتراكي” وليد جنبلاط وباءت محاولته بالفشل مع رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية لحثه على الحضور الى بعبدا. النقطة الثانية أو الهدف الثاني من زيارة باسيل التأكيد ان علاقة رئيس “التيار” متينة مع رئيس مجلس النواب، وبالتالي فليس صحيحاً توصيف رئيس الحكومة السابق ان حضوره سببه حماية “حزب الله”.

 

يمكن ان نضع عنواناً واحداً للقاءات التي تجري وهي محاولة تهدئة الاجواء داخلياً، لا سيما بعد أن قدمت الحكومة خطتها الاقتصادية ووافق عليها الاقطاب الاساسيون الممثلون في الحكومة، والذين يرون ضرورة تحصين هذه الخطة بتوفير الاجواء المناسبة لعمل الحكومة على تطبيقها. كانت المفارقة ان الخطة لاقت استحساناً فرنسياً وأميركياً فرمل محاولات الهجوم عليها من قبل خصومها داخلياً. وبينما ارتفعت فرضية اعادة احياء الحلف الثلاثي بين الحريري، جنبلاط وجعجع، وتنامى الحديث عن تعديل حكومي او تغيير، عادت كل تلك الفرضيات ادراجها لألف سبب وسبب، كان ابرزها حالة الاستنفار التي أعلنها الاميركيون والفرنسيون يوم تمّ المس بالجيش والمصارف، لا سيما في ضوء الاحداث التي حصلت إبان عودة الحراك الى الشارع.

 

رفع الاميركيون البطاقة الحمراء في مواجهة ما شهدته الشوارع من احداث متنقلة ضد المصارف والتعرض للجيش، فتراجعت الهجمة على المصارف وهدأت الامور فجأة.

 

وفيما تكتم الطرفان عن تفاصيل المواضيع التي تم بحثها، قالت مصادر مواكبة ان الاجتماع كان عبارة عن جولة افق واسعة تخللها بحث سياسي عام مستفيض، تحت عنوان ما يجب القيام به على كل الصعد لتثبيت الاستقرار. وقد شكلت النقطة الاخيرة محور حديث رئيس المجلس مع رئيس “التيار الوطني الحر” ليتطرقا منها الى الخطة الاقتصادية للحكومة، حيث تمت مقاربتها بايجابية والاتفاق على التنسيق والتواصل بين الكتلتين، في ما خص أي عمل تشريعي يتصل بالاستقرار أو دعم الحكومة في اجراءاتها.

 

وعلى المستوى الاقتصادي، تمّ الاتفاق على أهمية ألا يفقد لبنان نظامه الإقتصادي الحر والبحث بالموازاة عن أفكار عمليّة لتوزيع الخسائر الناتجة عن الانهيار المالي، على قاعدة عدم المسّ بأموال المودعين ولا بتهديد القطاع المصرفي.

 

ولم يخفِ الجانبان وجود ملاحظات على خطة الحكومة ستكون خاضعة لنقاش جدي لما تظهره من تناقض بين بعض بنودها، وهذا سيتم بالتنسيق مع رئيس الحكومة.

 

جملة معطيات تراكمت لتظهر بوادر مرحلة جديدة دخل عليها لبنان المقبل على مرحلة من المفاوضات والبحث عن حلول لأزماته، ما يستوجب رص الصفوف في مواجهة التدهور المالي والاقتصادي وتغليب لغة الحوار، وهو ما سعى اليه “حزب الله” الذي كان له دور في التشجيع على التلاقي، وفتح صفحة مختلفة عن الماضي بين الرئاستين الثانية والثالثة، وبين مكونات الاطراف المشاركة في الحكومة.