يحكي الراوي نقلا عن مطلعين على خفايا وخبايا تأليف الحكومة المتعثرة، ان رزمة الشروط والمطالب المتدرجة، حسب الحاجة، والخلاف على الاسماء المرشحة للتوزير او الحقائب، وحتى الثلث المعطل، وما شابه ، والمماطلة المقصودة، و«المرمطة» التي وصلت الى حد الغثيان ،ليست هي العقبات والعراقيل الاساسية، التي تعيق تشكيل الحكومة الجديدة، بل هي الاسلوب الذي يتبعه ويتلطى خلفه،رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، في سبيل بلوغ هدفه الاهم والاساس، وهو مقايضة الرئيس المكلف نجيب ميقاتي على صفقة متكاملة، تراود طموحات واوهام الاول، مستغلا كل ادوات التعطيل التي يتحكم بها، واهمها توقيع رئيس الجمهورية ميشال عون على مراسيم تشكيل الحكومة.
ويكشف الراوي استنادا الى المطلعين ،بعض تفاصيل الصفقة الطموحة جدا لباسيل، وهي شبيهة في بعض جوانبها بالتسوية التي أجراها الاخير مع زعيم «تيار المستقبل» الرئيس سعد الحريري، قبل انتخاب العماد عون رئيسا للجمهورية، قبل خمسة اعوام خلت، مع فارق عدم الخوض بالتفاصيل والضمانات علنا، وحصر الاتفاق على برنامج الحكومة الجديدة وطريقة مقاربتها، للمفاصل الاساسية من مهامها:
١- الاصلاحات والوزارات والادارات والمؤسسات التي تشملها، والاستثناءات للوزارات والادارات المحمية والمحسوبة على التيار العوني.
٢- التدقيق الجنائي وخارطة الطريق التي يعتمدها وكيفية توجيهه حسب رغبات العهد.
3- المفاوضات مع صندوق النقد الدولي والخطة المعتمدة.
4- التغيير والتعيينات.
في المراكز والمواقع الإدارية والقيادية الشاغرة، او بالمختصر،كبار الموظفين الذين يرغب العهد باقالتهم من مناصبهم، لانهم لم بكونوا مطواعين بتنفيذ ممارساته الهدامة، وفي مقدمتهم، حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، رئيس مجلس القضاء الاعلى القاضي سهيل عبود، مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات، رئيس دائرة المناقصات جان العلّية، رئيس مجلس إدارة طيران الشرق الاوسط محمد الحوت وغيرهم.
ويشير الراوي نقلا عن هؤلاء المطلعين، الى ان الجانب المهم الذي يسعى باسيل للتفاهم عليه مع رئيس الحكومة المكلف سلفا ،وهو ما يتعلق بكيفية مقاربة الحكومة لاستحقاق الانتخابات النيابية المقبلة، والضمانات التي يمكن ان يقدمها، لتسهيل ودعم التيار الوطني الحر فيها، لانها اساسية في مستقبل التيار السياسي للوصول إلى المجلس النيابي الجديد بكتلة كبيرة، تساعد باسيل لتحقيق طموحه للترشح للرئاسة الاولى بافضلية عن باقي المنافسين. وفي المقابل، يدعم رئيس التيار الوطني الحر، ميقاتي من خلال تسميته لرئاسة الحكومة التي تنبثق عن المجلس النيابي المقبل، وحتى بعد انتخاب رئيس الجمهورية الجديد.
وينقل الراوي عن هؤلاء المطلعين، ان النقاط الاساسية في مسودة هذه الصفقة، التي تشكل في حال تم الاتفاق عليها ،التسوية التي يطمح اليها باسيل، تم تداولها، بشكل غير مباشر وبالتواتر، من قبل بعض الوسطاء لاستمزاج رأي الرئيس المكلف بخصوصها، ولم تبحث مباشرة بشكل تفصيلي، لانه من الصعوبة الخوض فيها على النحو الذي يروج له، لما تسببه خلافات ورفض مسبق، لاختلاف الظروف التي افضت إلى التسوية مع الرئيس الحريري سابقا، والى استحالة التجاوب مع هكذا تسويات من الرئيس نفسه، في الظرف الحال، لانها ستحكم على الحكومة الجديدة بالفشل مسبقا.
ولذلك، لن يكون مستغربا، ان احد اسباب اعاقة وتعطيل تشكيل الحكومة الجديدة، استحالة التجاوب مع سيناريوهات هذه الطموحات والمقايضات الهدامة والتي اثبتت فشلها الذريع، وانعكاساتها السلبية على مسار وادارة الدولة كلها.