لم يشهد لبنان في تاريخه مسؤولاً يتمتع بالحد الأدنى من الأخلاق والوعي والإدراك ورجاحة العقل، يمكن أن يفاخر بالقول: «ما خلّونا… وما خليناهم».
يا جماعة… لبناننا هذا وطن، وليس لعبة أولاد يتسلّى بها الفاسدون… كما أنّ مصير الوطن لا يمكن أن يتحوّل إلى دُمْيةٍ يتسلّى بها العابثون والمستهترون.
أقول هذا الكلام، بعد تباهي أكثر من مسؤول، ومن على شاشات التلفزة، وإصدار كلام أقل ما يُقال فيه، إنه كلام، صيغَ من أجل المصالح الشخصية، وإن كان على حساب مصلحة الوطن وأبنائه، هؤلاء الأبناء الذين انغمسوا في الفقر والحرمان والعَوَز، وسُدّت عليهم طرق العيش، فراحوا يطرقون أبواب السفارات، علّهم يجدون مخرجاً ولو «ضيّقاً» للتخلص من الوضع الاقتصادي والاجتماعي وجنون الأسعار، و»ثورة» الدولار غير المسبوقة التي جعلت سعر صرفه أكثر مما توقّعه جهابذة الاقتصاد ورجال المال: وأذكّر فخامة الرئيس بعد قوله إنه لا يتدخل في القضاء بأنه هو الذي يوقف التشكيلات القضائية، أيمكن للبناني أن ينسى ما قيل: «لعيون صهر الجنرال، عمرا ما تتشكل حكومة».
أإلى هذا الدرك الأسفل من الأنانية والاستخفاف وصلت الأمور في هذا البلد؟
تصوّروا أنّ مصير البلاد والعباد، بات رهينة لمزاج أحد المسؤولين.
فهل يُعقل أن يرتبط مصير الوطن برغبات «ولد» يفرض شروطه، ويملي على الآخرين ما يشاء، حتى بات الشخص المرشح للوزارة خاضعاً «لفحص دم» يجريه الصهر العزيز…
إنّ المعيار الوحيد الذي يتبعه «الصهر» هو الحصول على المنافع المالية وتعبئة «الجيوب».
وإلى هذا الصهر أقول: «أنت تتحدث عن القضاء… فبأي صفة تتحدث؟ ومَن أنت يا «صعلوك»، وهل تظنّـنَ نفسك كامل الأوصاف؟
هل تعلم ما تعنيه كلمة رجولة..؟ لقد فشلت مرتين متتاليتين في دورتين انتخابيتين… ولولا قانون الانتخاب الذي فُصّلَ على «قياسك»، لما وصلت إلى البرلمان أبداً.
أما أنت يا دولة رئيس الحكومة النجيب… فأقول لك وأنت تعيش في عالم آخر، لا دخل له بحقوق المواطن اللبناني وهموم الشعب:
«لقد كان لبنان دولة غنية، فصرنا بفضل بعض الزعماء الفاشلين دولة فاشلة».
يا دولة الرئيس:
الوطن يحتاج الى أية مساعدة، مهما كانت صغيرة أو كبيرة. فمع استمرار تردّي الوضع الاقتصادي في لبنان بات الشعب شبه «ميت»… فالوطن يرزح تحت وطأة ظروف اقتصادية متردّية، وأزمة سياسيّة خانقة، فحكومة «معاً للإنقاذ» لا تجتمع، والاقتصاد اللبناني على شفا الانهيار بعد سوء الادارة والفساد…
لقد صار ما يقارب من نصف اللبنانيين يعيشون تحت خط الفقر بسبب الأزمة التي تعصف بالبلاد، فيما كشف تقييم صدر عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) عن أن قرابة 77 بالمائة من الأسر اللبنانية، ليس لديها ما يكفي من الطعام، أو حتى المال الكافي لشراء مواد غذائية.
هل تعلم يا دولة الرئيس أنّ الدولار في ارتفاع جنوني، تخطى عتبة الـ25 ألفاً ولامس الـ26 ألفاً. ولا يوجد سعر صرف ثابت، وهذا ما أدّى في نهاية المطاف الى سوق موازٍ غير رسمي، أو ما يطلق عليه اسم «السوق السوداء» لبيع العملات بأسعار غير ملائمة وغير منطقية… أين الكهرباء، وكم بلغ المبلغ المطلوب لاشتراكات المولّد؟
وهل تعلم أنّ سعر الدواء بات خيالياً، وسعر صفيحة البنزين والمازوت وقارورة الغاز وصل الى حدّ لا يمكن للمواطن الوصول إليه؟ وهل تعلم كم بلغ ثمن ربطة الخبز؟ هل أخبروك عن فقدان حليب الأطفال والكثير من الأدوية؟
إننا بحاجة إلى كل دقيقة، نعمل من خلالها على إصلاح الوضع، فأنت مسؤول، لا يكفي توصيفك الحالة التي وصلنا إليها، بل أنت مُلْزَمٌ بحكم منصبك بإيجاد الحلول. فهل أنت جادٌ بالفعل لإيجاد هذه الحلول؟
وأسأل يا دولة الرئيس بكل موضوعية: مَن هو رئيس الحكومة الفعلي؟ حضرتك… أم حضرة الصهر العزيز؟ وهل تذكر لنا يا دولة الرئيس، حكومة واحدة، شُكّلت في لبنان، في أي عهد من العهود، كما شُكّلت حكومتك؟ وهل حدث ان صهر الجنرال، عَمَد الى إجراء فحص لكل مرشح لدخول الوزارة؟ والأنكى من ذلك ان مرشحاً لدخول الوزارة هو السيّد جمال كبي نجل المرحوم الدكتور جميل كبي، ثار لكرامته وامتنع عن لقاء الصهر بُغْيَة اختباره… وبدل أن تتقدّم منه لتهنئته على موقفه الوطني المشرّف… قُلْت له: لقد أخرجتَ بتصرفك هذا نفسك من الوزارة.
ماذا عسانا نقول في مثل هذه الأحوال؟ فمتى ينتفض الرجال الرجال على مثل هذه التصرّفات، ويرفضون القبول بما رفضه جمال كبي؟
كان المطلوب منك يا دولة الرئيس، أن تهدّد بالاستقالة حين فُرِضَ الأمر على المرشحين لدخول وزارتك، لا أن تلوم هؤلاء على رفضهم لقاء الصهر.
لقد ضاق المواطن ذرعاً بما آلت إليه أحوال البلد… وراح يفتش عن حلّ ينقذه من هذه الحال. فازدادت الهجرة، وزاد عدد المهاجرين اللبنانيين، حتى فقد لبنان نخبة من أطبائه ومثقفيه…
كل هذا بفضل «النكايات»… ولا يسعني إلاّ القول بأنّ «النكايات لا يمكن أن تبني أوطاناً».