بلا قرار “المجلس الدستوري” حيال الطعن المقدّم من تكتل “لبنان القوي”، تلقى ولي العهد القوي لكمة على فكّه الأيمن، أين منها لكمة كين نورتان التي كسرت فك محمد علي كلاي في منازلتهما العام 1973، وكان جبران باسيل سنتئذٍ يستعد للدخول إلى المدرسة. هي في أي حال ليست اللكمة الأولى، وقد لا تكون الأخيرة. وكعادته بعد كل “بوكس”، يسارع ولي العهد إلى الإشادة بمواقفه وخياراته ونزاهته وترفّعه عن الصفقات والمقايضات وتحميل الآخرين، أي المنظومة، مسؤولية إفشال العهد والحكومة، وضرب الميثاقية ضرباً مبرحاً ما أدّى إلى ارتجاج ماروني ـ شيعي، والتصويب على المهللين الفرِحين بالـ “بوكس”، من دون أن ينسى نبش قبور 13 تشرين 1990، ذكرى انتصار الجنرال على حلفي الأطلسي ووارسو المدعومين من ميليشيا “القوات اللبنانية” ومهاجمة من لم يمشِ معه بـ”القانون الأرثوذكسي” الذي أطلقه ونفخه الياس بك الفرزلي ونفّسه تيّار “المستقبل” وفقعه الرئيس نبيه بري… والحق، بإسقاطه، يقع على “القوات”.
ويوهم ولي العهد جمهور المستمعين إلى تخرّصاته، أن عدم السير بطعن التيار طعنة للمغتربين الفارين من وجه العهد وإسقاطٌ لحقهم في انتخاب نوّابهم. في ليالي القلق سمع جبران صوت “تفحيش” مغتربي أبيدجان ونحيب منتشري أونتاريو وعويل أهلنا في سيدني لحرمانهم من الدائرة السادسة عشرة. لا أحد منهم مهتم للإنتخاب في دوائر الشمال، أو دائرتي بيروت. يريدون فقط ما أراده جبران أمس، اليوم وغداً.
يؤخذ على التيار البرتقالي أنه لا يراجع خياراته وحساباته وهذا خطأ شائع بين الناس. دائماً هناك مراجعات عميقة ومناقشات مستفيضة تفضي إلى نتيجة واحدة: جبران دائماً على حق. بينما الخلل موجود في النظام الجمهوري الديمقراطي البرلماني التوافقي، وفي المنظومة، كل المنظومة، ما عدا وزراء التيار ونوابه المنبثقين من شعب لبنان المختار. والخلل أيضاً في الثورة والثوار.
لو تسنّى للعهد القوي أن يغيرالنظام إلى نظام ملكي، تحكمه السلالة الأورنجية كما في المملكة الهولندية، لما شهدنا ما شهدناه في الأعوام الخمسة الماضية. ولما شعرنا بالقلق حيال عدم وصول جبران باسيل إلى سدة الرئاسة.
لو كان بيد العهد القوي تسمية كل الوزراء كفريق متجانس ومتشابه، كأن تقول لدينا في الحكومة 24 غسّان عطالله، لا تفرق غسان الشيعي عن غسّان الأرثوذكسي سوى بالكفاءة لوصلنا، كشعب، إلى الجنة ورجع الدولار إلى مستوى الليرتين و35 قرشاً. ومن كان ليخشى تعطيل “ثنائي الإبتزاز الوطني”؟.
لو كان لجبران أن يختار كل المدراء العامين، وكل أعضاء المجالس المستقلة، وحاكم مصرف لبنان ومجلسه المركزي، وقادة الأجهزة الأمنية ومجلسي شورى الدولة و”حزب الله”، واعضاء المجلس الدستوري العشرة، والهيئات الناظمة، وإدارة حصر التبغ والتنباك، لكانت مملكة لبنان اليوم تنافس الإمارات على الصعيد العربي وألمانيا على الصعيد الأوروبي. أما أميركا فـ “مش قاريها” جبران!