لم يكد العام الجديد يدخل التوقيت اللبناني حتى سارع جبران باسيل إلى استغلال الوقت اللبناني وسارع إلى إشعال معاركه الدونكيشوتيّة لخوض معركة وصوله إلى قصر بعبدا ودونه إشعال حرائق التّعطيل، هل هو مجرّد ابتزاز شاهدنا جبران باسيل يمارسه في وجه حزب الله مارس فيه ضغطاً غير مسبوق في عنوانه “يا أنا يا نبيه برّي”؟ وهل هو مجرّد ممارسة لسياسة نبش قبور الحرب التي يتقنها جبران باسيل؟ وهل هي مجرّد شعبويّة رمى باسيل قنبلتها في الشّارع المسيحي محرّضاً إيّاه ضدّ سمير جعجع؟
إجراء الانتخابات النيابيّة مطلب وشرط دوليّ ملحّ على لبنان تنفيذه ولكنّ التّجربة اللبنانيّة مرّة وفاضحة جدّاً في هذا الأمر، فعندما كان تشكيل الحكومة بعد تفجير 4 آب مطلبٌ دولي تعهّدت به القيادات اللبنانيّة للرئيس الفرنسي أيمانويل ماكرون بأن يشكّلوا حكومة خلال خمسة عشر يوماً بعد تفجير ضرب العاصمة فدمّر نصفها ولا يزال لبنان حتى اليوم يدفع أثمان منع التحقيق بهذا التفجير بصرف النّظر عن الإشكاليّة التي علق التّحقيق أمامها فأدّت إلى منع انعقاد جلسات الحكومة ـ تعطّل تشكيل هذه الحكومة لمدّة عام وأطاح تشكيلها بالرّئيس سعد الحريري الذي كانت رئاسته للحكومة مطلب دولي واجهه رفض جبران باسيل ومن خلفه عمّه رئيس الجمهوريّة ـ الذي تحوّل مادّة انقسام وكاد يؤدّي إلى اندلاع حرب أهليّة ولا يزال عمل الحكومة معطّلاً تحت وطأة تهديد الثّنائي الشّيعي الذي يشنّ الصّهر المدلّل هجوماً على أحد طرفيه طالباً علناً فكّ ارتباط بينه وبين حليفه حزب الله (الذي تسبّب بتفجير بيروت) بموجب تحالف مار مخايل بينهما!
على طريقه عمّه الجنرال قرّر باسيل خوض المعركة بعدما ذاق شبهة نصر بانسحاب الرّئيس الحريري واعتذاره فكان أن حلّ في موقع رئاسة الحكومة نجيب ميقاتي العاجز عن إدارة حكومته، قد لا يكون الصهر المدلّل يسعى للإطاحة برئيس المجلس النيابي فالأمر عند الشّيعة أعقد منه بكثير عند السُنّة حيث الطرّفين في هذا الثنائي يملكان السّلاح وبين قاعدتيْهما دارت حروب دامية وهذا ما يريد جبران باسيل تحديداً العبث به، فهو معتاد على لعبة نبش القبور خصوصاً وأنّه لم يوفّر القوّات اللبنانيّة ورئيسها سمير جعجع وهو يستثمر الدّماء الشيعيّة للوصول إلى ضمانة من حزب الله توصله إلى قصر بعبدا!
بنفس أسلوب “لعيون صهر الجنرال ما يكون في حكومة” افتتح جبران باسيل اللّعب ولا يهمّه أبداً ردّ النائب علي حسن خليل عليه فقد تكفّل به صغار التيّار، وصدّقوا جبران باسيل يلعبها بكلّ قوّته وعلى طريقة “يا قاتل يا مقتول” فهو لن يتوانى عن اختيار تطيير الانتخابات في حال تأكّد أنّه لن يتمكّن من الوصول إلى قصر بعبدا ويناسبه جدّاً منع المجلس الحالي من أن يمدّد لنفسه (واجه لبنان خمسة عشر عاماً من الحرب الأهليّة بالتّمديد لآخر مجلس نيابي انتخبه في نيسان العام 1972) فهذا يجعلنا أما سيناريو العام 1990 عندما حلّ جنرال حرب التحرير المجلس النيابي ليمنعه من انتخاب رئيس للجمهوريّة، لن يسمح جبران باسيل لعمّه رئيس الجمهوريّة بمغادرة قصر بعبدا مهما كانت الأعذار ومهما كان الثّمن!