Site icon IMLebanon

مشاهدات من “سيرك cirque” الدولة اللبنانيّة

 

 

 

– رئيس الجمهوريّة الذي أقام الدنيا ولم يُقعدها بخصوص حقوق لبنان البحريّة، يتراجع فجأة وبدون إنذار عن الخط 29 ويعتبر أن خطّ التفاوض هو الخط 23، ما يمنح إسرائيل حُكماً مساحة تُقارب ألفي كلم مربّع من مياهنا الإقليمية، وذلك بشحطة قلم دون أن نفهم كيف ولماذا ولأيّ سبب. والنائب جبران باسيل، الذي لم نفهم بأيّ صفة اجتمع مع آموس هوكشتاين، يُصرّح أنّ مساحات المياه في البحار ليست مهمّة، فالماء ماء !! وإذا صحّ ما يتمّ التداول به في الإعلام والكواليس من أنّ الثمن مغانم شخصيّة وسياسيّة وتوريثيّة نكون أمام كابوس لم نشهد مثله في تاريخ الأمم.

 

– رئيس الجمهوريّة ورئيس التيّار الحرّ ووزراؤهم الذين جدّدوا بالإجماع لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة يشنّون عليه اليوم، ووحده، أشرس الهجومات. على فكرة، متى اكتشف الرئيس والتيّار أن سلامة غير موثوق به، كما يقولون، قبل أن يجدّدوا له أو بعد التجديد؟

 

– ها هو رئيس الجمهورية ورئيس التيّار يطرحان أموراً يُشْتَمّ منها التحضير لتأجيل الانتخابات النيابية، كموضوع المِيغاسنتر وانتخابات المغتربين في الدائرة 16. الخوف من نتائج الانتخابات مرعب، بالرغم من دعم المحور وتأكيد وليّ الأمر، الحزب، للتيّار، أنّ «البلطجي» وحركته، حسب وَصفِهِم، سيدعمونهم في معظم الدوائر.

 

– للمرّة الألف يُكرّر النائب باسيل أنّ تكلفة الدفاع عن نفسه أمام المحاكم الأميركية التي تُخضعه للعقوبات بحسب قانون ماغنتسكي المتعلق بالانخراط بأعمال الفساد، هي تكلفة مرتفعة ولا يستطيع تحمّلها. هل من يصدّق أن النائب باسيل بقدراته الخاصة وقدرات المحازبين والأصدقاء والمموّلين والمتعهدين عاجز مادياً عن توكيل المحامين والدفاع عن نفسه؟

 

أما بالنسبة إلى إطلالة السيّد حسن نصرالله الأخيرة، والتي يبدو أنّها ستتكرّر بوتيرة أسرع، كان لافتاً جدّاً إعلانه «أنّ حزب الله هو من حافظ على الهويّة اللبنانيّة».

 

هذا الإعلان يعني أنّ تاريخ لبنان يبدأ بتاريخ تأسيس حزب الله وكلّ ما قبل ذلك كان مجرّد أوهام.

 

ويعني أنّ كل ما ذكره كتاب التوراة عن لبنان وأرز الربّ في لبنان، وإعادة استنهاض اللغة العربيّة ومحاربة التتريك في مطابع النسّاك والبطاركة والملافنة والعلّامة في وادي قنوبين، وأعلام الأدب والفلسفة والصحافة في لبنان وبلدان الاغتراب ومصر من جبران إلى جرجي زيدان، إلى الإرساليات والمدارس والجامعات والمستشفيات والفنادق والمطاعم والثقافة والفنّ والمسرح والموسيقى والإبداع والسياحة وغيرها وغيرها كلّها أوهام لم تحافظ على الهويّة اللبنانيّة. فبالنسبة إلى السيّد نصرالله التاريخ يبدأ سنة 1982 بولادة حزب الله، والصواريخ والمسيّرات هي التي جعلت من لبنان دُرّة الشَرقَين.

 

سماحة السيّد، تستفيضون في كلّ إطلالة في الحديث عن الصواريخ الذكيّة والقدرات والمهارات والمُسيّرات لتُبهِروا جماهيركم وتُخيفوا الآخرين.

 

أبهرونا جميعاً واستعملوا الذكاء الذي تستخدمونه لتطوير الصواريخ من أجل أن تعيدوا لنا أموالنا من المصارف، وتعيدوا ما نُهِب من خزينتنا وما هُرِّب عبر حدودنا، وما أُقفل من مستشفياتنا وفنادقنا ومؤسساتنا، وأعيدوا من هاجر من أطبائنا وممرّضينا ونخبنا ومهاراتنا، أعيدوا الروح إلى وطننا هل انتم قادرون على إبهارنا فعلاً؟

 

بين عهد مشغولٍ بماغنتسكي وعقوباته وربطه بالحقوق البحرية، ومشغول بتأجيل الانتخابات النيابية وبرياض سلامة، وبين مُسيّرات مُسيَّرة من طاولة مفاوضات جنيف، وصواريخ ذكيّة وصواريخ غبيّة، نحن لسنا في دولة، نحن في سيرك يَقهرنا يُدمينا يُبكينا بدل أن يُضحكنا ويُفرحنا.