لم يهضم رئيس «التيار الوطني الحرّ» جبران باسيل مشهد انضمام الحزب السوري القومي الاجتماعي، بجناحه الرسمي إلى تحالف الطاشناق – المرّ في دائرة المتن الشمالي، ولم يكترث في المقابل إلى انفصاله عن الحزب الأرمني بعد أكثر من عقد من التفاهم السياسي والانتخابي. في لعبة الأصوات التفضيلية التي تطغى على العملية الانتخابية، ما يشغل باله في هذه الأيام، هو كيف يؤمن الفوز للنائب ادي معلوف، ولذا حاول تجيير أصوات كل الحلفاء لمصلحة هذا السيناريو. ولمّا قرر الحزب القومي تأمين مصلحته الانتخابية في دائرة المتن وقع الخلاف، مع العلم أنّ بعض المتابعين يؤكدون أنّ هذا الخيار جاء بتزكية من القيادة السورية.
وعلى هذا الأساس، تعثّرت المفاوضات بين «التيار» والقوميين، وراح باسيل يبحث عن سبل التعويض عن هذا الهدر الذي تعرض له في دائرة أساسية بالنسبة اليه، من خلال ممارسة سياسة «ابتزاز» مفضوحة على الحزب القومي من جهة، و»حزب الله» من جهة أخرى.
بداية، لا بدّ من الإشارة إلى أنّ الطاشناق لم يكن ممتناً من التحالف مع آل المرّ، وهو أجبر على هذا الخيار ولم يكن بطلاً في اتخاذه، خصوصاً وأنّ باسيل أبلغه منذ فترة من الزمن، أنّه من مصلحة «التيار» ألّا يكون الطاشناق شريكه في المتن لأنّ الأخير بحاجة إلى دعم لتأمين حاصله، والأفضل أن يأتي هذا الدعم من أطراف أخرى، غير «التيار».
في المقابل، حاول الحزب الأرمني توظيف حضوره في أكثر من دائرة (بيروت الأولى وزحلة والمتن) وحاجة العونيين له في الدائرة الأولى لتأمين حاصلهم، لكي يفرض سياسة «إمّا التحالف الشامل وإمّا لا تحالف»، لكنه لم ينجح. تمسّك باسيل بخيار الانفصال في المتن، وضغط في سبيل التحالف في بيروت. وهو أمر لم يحصل حتى اللحظة، ولو أنّ فرصه باتت مرتفعة ومرجّحة.
لماذا؟ لأنّ باسيل يقود الانتخابات على قاعدة تعويض الخسائر التي لحقت به جرّاء تراجع تياره وانحسار نفوذه الشعبي، وهو لذلك يضغط على حلفائه، وتحديداً «حزب الله»، لـ»قشّ» كل ما يمكن تحصيله من بلوكات أو مقاعد «فلتانة»، فيما «الحزب» يحاول الموازنة بين حلفائه، مع ترك الأرجحية «للتيار الوطني الحر» لتحسين وضعيته الانتخابية.
ومن منطلق الحفاظ على حلفائه، يعتقد «حزب الله» وفق المتابعين أنّ قانون الانتخابات ظلم الطاشناق بعدما جرى حشر أربعة مقاعد أرمنية في دائرة بيروت الأولى، فيما الحزب الأرمني يعاني من تراجع في حضوره بسبب هجرة العديد من أبناء طائفته، وبالتالي، يفضّل «حزب الله» ألّا يتعرض الطاشناق لانتكاسات انتخابية، لاعتبارات استراتيجية تتصل بخيارات الحزب الأرمني، ولهذا راح الطاشناق يفاضل بين العروض المتاحة أمامه لحماية مصالحه الانتخابية، من التفاوض مع ميشال فرعون إلى التشاور مع جان طالوزيان. كل ذلك، لأنّ قواعد التفاوض مع التيار لم تكن ترضيه.
كذلك فإنّ حرص «حزب الله» على الموازنة بين حلفائه، هو الذي لم يدفع به إلى فرض خياراته على الحزب القومي من باب تجيير أصواته المتنية لمصلحة ادي معلوف، وفق ما يبتغيه باسيل الذي يضغط على «الحزب» تحت عنوان أنه يخوض مواجهة ضدّ «القوات» ولا بدّ من تكريس كل جهود قوى الثامن من آذار وتوظيفها في هذه المعركة لمصلحة العونيين… وهذا ما يزيد من حالة التشنّج في مفاوضات الأيام الأخيرة قبل اقفال باب تسجيل اللوائح في الرابع من نيسان المقبل.
اذ أنّ رئيس «التيار الوطني الحر» رفع من وتيرة ضغوطاته تجاه «حزب الله» والحزب القومي، مع العلم أنّ العارفين يؤكدون أنّ أصوات القوميين في المتن ستتوزع بحكم الأمر الواقع بين مرشحهم الرسمي انطوان خليل، وبين ادي معلوف والياس بو صعب. اذ تشير المعلومات إلى أنّ باسيل «فرمل» مشاوراته مع الحزب القومي خصوصاً في دائرة عكار وفي دائرة بشري- زغرتا- الكورة- البترون.
ويتردد أنّه بحجة انزعاجه من قرار الحزب القومي في المتن، سيرفع من منسوب مطالبه في دوائر أخرى، كأن يطالب مثلاً بالمقعد العلوي في عكار، أو أن يضغط على «حزب الله» لضمّ وليم طوق إلى تحالفه الشمالي في بشري، مع العلم أنّ هذا الأمر ليس بيد الحزب، أو أن يمنع أي صوت شيعي ولو «حركيّ» عن فريد الخازن…