تُخاض إنتخابات 2022 على أساس وطني وإصلاحي بعدما فشلت القوى الممسكة بالسلطة في إقناع الرأي العام بأن البديل عنها هو الفوضى.
لا شكّ أن السلطة الحالية تتمثّل بشكل أساسي بالثلاثي «حزب الله» و»التيار الوطني الحرّ» وحركة «أمل»، وهذه القوى تحاول الحفاظ على مكاسبها بعد ابتعاد أحد أهم أركان الحكم، أي الرئيس سعد الحريري، عن خوض الإستحقاق الإنتخابي.
ولا يبدو أن الأمور تسلك طريقها السهل بالنسبة إلى هذا الثلاثي، وإن كان كل فريق يسعى إلى الحفاظ على مكتسباته في السلطة والحكم، فلكل واحد من الثلاثي أزمته الداخلية ونقاط قوّة يحاول تسجيلها.
وإذا كان رئيس «التيار الوطني الحرّ» النائب جبران باسيل يحاول تثبيت دعائم زعامته، إلا أنه عانى المشكلة تلو الأخرى، فلم يستطع السيطرة على «التيار الوطني الحرّ»، فخرج جميع مؤسّسي ومناضلي هذا «التيار» من عباءة زعامته وأسّسوا حالات مستقلّة، في حين أن من استمرّ معه بعد تعيينه بالقوة رئيساً لـ»التيار» في عام 2015 بدأ يرحل عنه، أمثال النائبين ماريو عون وحكمت ديب، وبالتالي فإن البيت الداخلي البرتقالي تزعزع.
هذا بالنسبة إلى الشأن الحزبي، أما بالنسبة إلى المكاسب المسيحية، فإن باسيل حاول أن يكون نبيه بري المسيحيين، حيث عمل على السيطرة على كل المواقع الإدارية والقضائية والأمنية المسيحية، وإذا كان نجح في تحقيق بعض من طموحاته، إلا أنه فشل في السيطرة على أهم موقعين مسيحيَّين بعد رئاسة الجمهورية، وهما قائد الجيش وحاكم مصرف لبنان.
أما وطنياً، فحدّث ولا حرج، فباسيل فقدَ كلّ مَن حاول مدّ الجسور معهم بعد التسوية الرئاسية، وفقدَ مصداقيته بعد أن بنى سياسته في الفترة الأخيرة على مهاجمة الرئيس نبيه بري ومِن ثم تحالف معه، وبالتالي فإن خسارته الأكبر ستكون في الإنتخابات النيابية ومن ثم الرئاسية.
من جهته، يحاول برّي أن يخرج منتصراً بعد نهاية عهد الرئيس ميشال عون، لكن على رغم أنه مرتاح لوضعه الشعبي داخل البيئة الشيعية، إلا أن المفاجآت قد تنتظره في بعض الدوائر ذات الغالبية الشيعية، وبالتالي فإن «تدويره» للزوايا ومده جسوراً مع القوى الداخلية والخارجية قد لا يُعيدانه إلى رئاسة مجلس النواب بعد كثرة الطامحين لوراثته.
وإذا كان «حزب الله» يحاول الظهور بمظهر المنتصر إقليمياً وداخلياً، فإن الوقائع تدحض كل إدعاءاته. فأول خسارة ستواجهه هي تراجع حضور حلفائه المسيحيين وعلى رأسهم باسيل، وثاني خسارة أن المعركة موجّهة ضدّ سياسته التي أوصلت لبنان إلى العزلة والجميع يحمّله مسؤولية تردّي الأوضاع التي يعيشها البلد. من هنا، فإن عنوان معركته «مع سلاح الحزب أو ضده» ستكون له إرتدادات سلبية داخل كل البيئات، علماً أنه يفعل المستحيل من أجل ضبط بيئته وعدم خروجها عن «بيت الطاعة».
وأمام كل المعطيات، فإن الشعب اللبناني أمام قرار مصيري وهو إما التجديد لهذه السلطة الحاكمة التي ضربت سمعة لبنان وأوصلت شعبه إلى «الحضيض»، أو قلب الأكثرية الحاكمة والمباشرة بتغيير الواقع الداخلي وإعادة لبنان إلى السكة الصحيحة.