من الآن وحتى موعد الانتخابات النيايية ستكون عظات البطريرك الماروني بشارة الراعي ومواقفه موضع رصد لدى المنخرطين في المعركة الانتخابية، وتحديداً في الساحة المسيحية، كونه «الناخب المعنوي» الذي قد يؤثر في اتجاهات شريحة لا بأس بها من المقترعين، وتحديداً تلك التي لم تحسم بعد خيارها.
بَدت عظة الراعي في عيد الفصح امتداداً لـ»الخطاب المعارِض» الذي يعتمده منذ فترة طويلة في أدبياته، حيث اعتبر انّ غالبية العاملين في الحقل السياسي والمسؤولين عن الوطن والشعب يتصرفون، لا لإزاحة الحجر عن صدر اللبنانيين بل لتثبيته، مُعدداً مكامن الخلل في الدولة، وفق تصوره.
موقف الراعي أتى على مسمع من رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل اللذين حضرا قداس العيد، وكانا يفضّلان بطبيعة الحال ان يرسم البطريرك كل الصورة بكل ابعادها، خصوصا عشية الانتخابات النيابية حيث يصبح لرأي بكركي تأثيره على الناخبين، ولا سيما منهم الرماديين، وهؤلاء يشكلون فئة وازنة في البيئة المسيحية في استطاعتها ترجيح كفة على أخرى.
من هنا، تَعمّد باسيل ان يلفت، قبَيل مغادرته الصرح البطريركي، الى ان ما أدلى به الراعي هو جزء واسع من الحقيقة وليس كل الحقيقة، مُحاولاً استكمالها انطلاقاً من زاوية الرؤية لديه عبر «التصويب المشفّر» على خصومه من خلال الاستعانة بحقائق دينية لا تخلو من اسقاطات سياسية.
واللافت انّ رسائل باسيل «المرمّزة» من بكركي وُجّهت الى المعنيين بمعرفة مسبقة من الراعي الذي اطلع على فحواها من رئيس التيار قبل أن يُفصح عنها أمام الإعلاميين.
وتفيد المعلومات انّ احد الصحافيين عندما حاولَ استصراح باسيل عن رأيه في كلمة الراعي، أبدى استعداداً للكلام لكنه طلبَ اولاً استئذان البطريرك الماروني لأنه يرفض ان يصرّح من داخل بكركي قبل الاستحصال على إذنه لاعتبارات بروتوكولية.
وبالفعل توجّه باسيل نحو الراعي وسأله عما اذا كان يأذن له بالكلام من الصرح تعليقاً على عظته، فقال له البطريرك: «اكيد فيك تحكي، ولكن ماذا ستقول؟».
هنا، عرض له باسيل النقاط التي عاد وشرحها أمام الإعلام، فرحّب الراعي، واقترح عليه أكثر من مرة ان يُدلي بها وهو الى جانبه، الا انّ باسيل فضّل ان يُبدي رأيه خارجاً في ساحة الصرح.
وكان باسيل قد أشار الى انّ البطريرك عبّر عن واقع نعيشه جميعاً، ونوافقه على معظم الذي قاله، غير أن الانسان لا يستطيع قول الحقيقة كاملة في كلمة واحدة، «وفي رأينا أولاً ان الذين لا يريدون ان يتدحرج الحجر هم كثر من اللبنانيين ومن كل الجهات والتوجهات، وثانياً الذين سلّموا المسيح هم من أبناء جنسه وبثلاثين من الفضة للأسف. وثالثاً، إنّ المعروفين في التاريخ لا يزالون مستمرين في الحاضر، كالذين فَبركوا ولفّقوا خبرية إزالة الحجر وان تلاميذ المسيح هم الذين أخذوا جسده، وذلك حتى يضربوا معنى القيامة».
من هي الجهات المستهدفة برسائل باسيل؟
يوضح القريبون من «التيار الحر» انّ «القوات اللبنانية» هي في طليعة المقصودين لأنّ ما أورَده باسيل ينطبق عليها «حَفر وتنزيل» وفق مقاربتهم، ويضيفون: «المقصودون كذلك أولئك الذين ساهموا من خلال سياساتهم وفسادهم على امتداد عقود في الوصول إلى الهاوية، فإذا بهم يحمّلون العهد والتيار وزر الانهيار ويحاولون التهرّب من مسؤوليتهم هم عن الازمة والمعالجة».
ولا يفوت القريبون من التيار التأكيد انّ اسرائيل معنية أيضا بجانب من الاسقاطات السياسية – التاريخية التي تضمّنها موقف باسيل من داخل الصرح البطريركي.