IMLebanon

مناورة تأليف قبل التّكليف!

 

 

لا إسرائيل تريد الدّخول في حرب مع حزب الله ولا الحزب يريد الدّخول في حرب معها، على العكس من ذلك جاء كلام وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس بالأمس واضحاً وموزوناً ومتّزناً أيضاً تحت عنوان أنّ “الخلاف مع لبنان بشأن حقل الغاز الحدودي سيتمّ حلّه عبر الوساطة الأميركية”، أمّا الضّجيج الذي صمّ آذاننا محلّياً بالأمس قبيل تشريف باخرة التّنقيب إلى حقل كاريش فهي مجرّد فقّاعات ومزايدات ومناسبة لاستهلاك شعبوي لملفّ لبناني جديد أُهمل وتُرِك من دون حلّ حتّى الآن وأخضع الخطّ 29 لمناورة التخلّي عنه مقابل رفع العقوبات عن الصهر الـمُدلّل جبران باسيل!

 

مجدّداً يستعيد العهد مناورته المعروفة والتي مارسها في شتاء العام 2019 بعد إسقاط جبران باسيل في الشّارع سقوطاً مدوّياً وتقديم الرئيس سعد الحريري استقالة حكومته نزولاً عند مطالب اللبنانيّين الثّائرين الغاضبين، مجدّداً يستعيد العهد خديعة العام 2019 نفسها، بالحرف الواحد سلّم موضوع اختيار اسم لرئاسة الحكومة ليصار إلى ابتزازه بتوزيع الوزارات والوزراء مقابل تسميته رئيساً مكلّفاً، نحن أمام نفس السيناريو الذي أتى بحسّان دياب رئيساً للحكومة من دون أدنى خجل أو اعتبار للأحداث التي رافقت حكومة دياب ونهايتها الدّموية الملطّخة بدماء شهداء تفجير المرفأ وما تلاه من مآسي! مجدّداً تتكرّر مخالفة “اتفاق الطائف” مع العهد منذ أتى هذا العهد، مجدّداً توكل الأمور إلى جبران باسيل، صلاحيات الرئاسة الثالثة تنتهك من جديد مع تطنيش الرئاسة الأولى وتجاهلها تحديد موعد للاستشارات النيابيّة الملزمة في مخالفة لما جرت عليه الأمور في تشكيل الحكومات وتكليف رؤسائها بمهمّة تشكيلها، ومجدّداً نرى أنّ العهد مصرّ على ممارساته التي تستخفّ بالرئاسة الثالثة وما ومن تمثّل؟!

 

أخْوَف ما نخافه في هذه المرحلة مع إبداء الرئيس نجيب ميقاتي بالأمس رغبته بالعودة إلى رئاسة الحكومة مغلّفاً هذه الرّغبة بأنّ لديه شروط وبالحديث عن إنقاذ لبنان ـ من دون أن يقول لنا كيف وهذا دليل على استخفافه بعقول اللبنانيين الذين يعرفون أنّه لا يملك حتى خطّة عمل لإخراج لبنان من أزماته فكيف بخطّة إنقاذ ـ العودة إلى مناورات الحقائب السياديّة، ووزارات الأشغال والاتصالات وأم المعارك في الطاقة وبترولها وبواخرها وملياراتها ومشروع جبران باسيل المستمر منذ اثنا عشر عاماً بفشل منقطع النّظير!!

 

إذهبوا إلى استشارات نيابية، ويكفي تمييعاً للدستور اللبناني ومخالفة له، التغاضي عن تحديد موعد الاستشارات لن يحلّ مشكلة العهد الذي يعيش آخر أيّامه من دون أن يحقّق أمراً إيجابيّاً للبنان بل على العكس جلب معه الشؤم والكوارث والخراب والدّمار.

 

وما إصراره على الاستهانة بالدستور وبعقول اللبنانيين، عبر عودته إلى ممارسة خديعة “التأليف قبل التّكليف” لنشاهد مجدداً سيناريو مستعاد من ثلاث سنوات لأنّ العهد مصرّ على تسليم بقايا البلد لعبقريّة الوزير جبران باسيل ليؤلف له آخر حكوماته، ودعونا نجلس ونتفرّج على مناورة تخرق الدّستور وتُعرّض البلاد لمزيد من الأخطار والفراغ، وحتى السّاعة يمارس العهد مناورته الشهيرة والأخيرة ربّما لا استشارات ولا تكليف ولا تأليف ولا حكومة ولا حلول قريبة في الأفق!!