Site icon IMLebanon

حين يردّ “التيار” على باسيل

 

تخضع تسمية رئيس الحكومة المكلف هذه المرة للكثير من التدقيق والمشاورات بين الفرقاء السياسيين قبل موعد الاستشارات الخميس المقبل، على رغم أن الدول المعنية بالأزمة اللبنانية وخصوصاً باريس وواشنطن تسأل عما إذا كان هناك بدائل عن الرئيس نجيب ميقاتي في المرحلة الانتقالية بين عهد رئاسي وآخر من جهة، ولمتابعة تحقيق ما يتيسّر من إجراءات بدأتها حكومته الحالية للاتفاق مع صندوق النقد الدولي وللتخفيف من تفاقم الأزمات المعيشية ولا سيما في الكهرباء، من جهة ثانية.

 

ومع أن الطريق غير معبدة أمام ميقاتي بعد، لدى بعض الكتل النيابية التي تُحتسب لمصلحته، في التسريبات الإعلامية، مثل «اللقاء الديموقراطي» الذي في صفوفه اتجاه لمراعاة الرأي العام الرافض تسمية شخصية من الشخصيات التقليدية (المنظومة) التي يعتبرها مسؤولة عن الكارثة التي يغرق البلد فيها، وميقاتي منها، لأنه اتبع أسلوب المسايرة في بعض القرارات، فإن الأيام المقبلة كفيلة بإحداث فرز لتوجهات الكتل، أو بقائها على تشتتها، بحيث يصعب حصول أي مرشح على الأكثرية المطلقة، ويتم الاكتفاء بالعدد الأعلى من الأصوات المتيسرة. الأمر سيتوقف على مدى استعداد تلك الكتل للاتفاق على اسم بديل. موقف «اللقاء الديموقراطي» يتمايز مع «الثنائي الشيعي» وحلفائه بتفضيل عودة ميقاتي في هذه المرحلة، ويرتبط حسم خياره بنتائج التشاور مع حزب «القوات اللبنانية» وسائر القوى السيادية التي أعلنت معارضتها عودته (القوات اللبنانية، الكتائب، والتغييريون وبعض المستقلين…). والأخيرة أمام تحدي توحيد موقفها إذا صح أن تقاطعها يشكل الأكثرية التي فقدها «حزب الله» مع حلفائه. والمحاولات الجارية لتنسيق موقفها من ترشيح شخصية بديلة لميقاتي، تتم على قاعدة قيامها بمراجعة أدائها، بعدما أثبت انتخاب نائب رئيس البرلمان وهيئة مكتبه، أن تشتتها حوّلها إلى أقلية وباتت الأكثرية معقودة للفريق الآخر. من يقومون بهذه المراجعة يرهنون القرار النهائي في الاستشارات بإمكانية التوافق مع كتلة التغييريين.

 

إذا تعذر توافق هذه الكتل على بديل ميقاتي تصبح الأولوية لدى بعضها الحؤول دون أن يتحكم الفريق الرئاسي بتسمية الرئيس المكلف، وأن يتمكن من فرض شروطه عليه، ليعوض في الأشهر المتبقية من العهد ما لم يتمكن من تحقيقه من مكاسب يطمح إلى توظيفها في اختيار الرئيس المقبل أو في العهد الجديد. فهل يعيد ذلك تسهيل عودة ميقاتي؟

 

في هذه الحال العقبة الرئيسة أمام هذه العودة، أي الفريق الرئاسي في بعبدا، لأسباب تتعلق بما هو «مطلوب» منه. فهو رفض كما قال في كلمته يوم الجمعة الماضي، «تحويل موقع رئاسة الحكومة وشخص رئيس الحكومة مادة للتسويات»، التي يريد الفريق الحاكم انتزاع التنازلات لأجلها.

 

قبل أسبوع بالتمام قال رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل في حديث تلفزيوني إن الرئيس نجيب ميقاتي «بلّغ أنه غير قادر على تنفيذ ما هو مطلوب»، كمرشح لرئاسة الحكومة، في معرض إعلانه أنه «لن نسميه» وأنه «مستقتل» على رئاسة الحكومة. ثم قال إن «تسمية رئيس الحكومة يجب أن تكون مستندة الى ملفات منها الانتخابات الرئاسية»…

 

قبلها في 20 أيار الماضي قال باسيل في كلمة له إثر صدور نتائج الانتخابات «حقّنا (على الرئيس المكلف) أن نعرف شكل الحكومة ونوعها، بغض النظر اذا كنا سنشارك فيها أم لا»، مطالباً رئيس الحكومة العتيد بأمور عدة منها «رفع الغطاء منه ومن وزير المالية عن رياض سلامة»… وكان من الطبيعي أن يقرن مطالبه التزاماً منه بتسهيل الإجراءات التي تساعد في إصدار القرار الظني في جريمة تفجير المرفأ لتغطية السموات بالقبوات…

 

أول من أمس أصدر «التيار الحر» بياناً ردّ فيه على ما يشاع عن مطالب لـ»التيار» في الحكومة الجديدة من حقائب وغيرها، جاء فيه: «كثر في الأيام الأخيرة الكلام الكاذب عن مطالب وشروط تُنسب زوراً إلى «التيار الوطني الحر» في الملف الحكومي. إن «التيّار»، الذي يريد سريعاً تأليف حكومة لا يتواصل مع أي فريق أو جهة»…

 

بدا أن «التيار» يرد على رئيسه ويتنصل من مطالبه في إطار المحاصصة التي يغلفها بالقضايا الكبرى مثل استئناف التحقيق في المرفأ. وكالعادة يتنصل الأخير من زلات اللسان التي يأخذه إليها ذلك الاعتداد الدونكيشوتي بالنفس، والمكابرة مثل إصراره على أن كتلته النيابية هي الأكبر بعد الانتخابات.

 

لم يعدم فريق باسيل وسيلة للبحث عن مرشح لرئاسة الحكومة يمكن أن يلبي «المطلوب» الذي قال إن ميقاتي أبلغ أنه غير قادر على تلبيته سواء في الحقائب أو في التعيينات أو مرسوم التجنيس وتلزيم الكهرباء…

 

إغراق الوسط السياسي بالأسماء التي تُطرح من قبل الفريق الباسيلي، وبعضها من نوع ما وصفه ميقاتي بـ»إثارة الغبار السياسي»، لأن هذا الفريق يدرك استحالة وصولهم، يهدف إلى استدراج العروض من بعضهم، أو غيرهم ممن يتم التداول بأسمائهم في الكواليس، الذين يتم تشجيعهم للتواصل مع «حزب الله» والرئيس نبيه بري لتسويقهم، بمن فيهم رئيس الحكومة السابقة حسان دياب الذي زار الرئيس بري… والوزير أمين سلام.