طوال عهد الرئيس ميشال عون، بقي اسم النائب جبران باسيل حاضرًا في بورصة المرشحين الرئاسيين لخلافة عون، حتى أنّ البعض بالغ في الحديث عن سيناريوهات تقول إنّ عون قد يستقيل إن وُجدت الفرصة المؤاتية لإيصال باسيل عبر تصويت مجلس النواب السابق. هذه الأحداث وغيرها، إضافةً إلى كونه رئيس اكبر تكتل مسيحي في المجلس النيابي، جعلت منه مرشّحًا طبيعيًا للرئاسة. في مقابلته الإعلامية الأخيرة، وضع باسيل حدًّا لحملات الشهرين المقبلين، موحيًا أنّه لم يقرّرالترشّح حتى الآن هذه المرة للرئاسة، عوضًا عن إيمانه بضرورة تغيير شكل نظام الحكم وفرض اللامركزية الإدارية الموسّعة.
كلام باسيل يتوافق ويتماهى مع أجواء فريق الثامن من آذار، الذي يكشف مصدر قيادي فيه أنّ فريقه السياسي بدأ بالفعل التواصل في ما بينه لدرس واقع الانتخابات الرئاسية المقبلة. هذا التشاور، والذي لم يرتق بعد إلى مستوى اتخاذ قرار على مستوى الصف الأوّل داخل الفريق، إلّا أنّه يُظهر أكثر من اشارة، أنّ إمكانية إيصال باسيل للرئاسة هو أمر صعب ويقارب الاستحالة هذه المرّة. وهنا تشير الأجواء إلى أنّ كلام رئيس «التيار الوطني الحر» خرج واقعيًا متماهيًا مع شكل المجلس وواقع البلد وقدرة فريقه السياسية، بعيدًا من إصرار كان يتهمه به البعض.
المصدر يؤكّد أنّ أسماء عدة موجودة للتداول، ولكن الوجهة التي ليس من هناك داعٍ لاعلانها ستكون نحو مرشّح واحد، تجد فيه مختلف أحزاب الثامن من آذار أنّه يمثّلها ويشكّل لها ضمانًا في المواضيع الاستراتيجية، من موضوع حماية المقاومة إلى العلاقة مع سوريا، وكذلك تأمين الاستقرار الداخلي.
ويؤكّد المصدر ايضًا أنّه لا يمكن استبعاد باسيل إنّ كانت المعايير هي فقط ما حُكي أعلاه، فهو طوال سنوات أثبت من خلال أدائه السياسي تمسّكه بهذه الثوابت، ولكن واقع الأمور يقول إنّ وصوله سيُعيد تعطيل البلد انطلاقًا من قوّة أدوات التعطيل ونسبة الاستعداء الكبيرة للرجل شخصياً من أكثرية سياسية واجهها ويستمر، فيما إيصال آخر في مرحلة حساسة قد يساهم أكثر في عملية استقرار الحياة السياسية، وربّما تثبيت وجود النظام على هذا الشكل في حال استخراج النفط في ما بعد. فإيصال من في وسعه إقامة حوار وطني بين المتخاصمين حول الملفّات الاستراتيجية هو المطلوب في زمن انهيار تام. هذا الأمر لا ينفي بتاتًا، أنّ نهوض البلد يحتاج إلى مشروع متكامل وواضح، إلّا أنّ الظروف قد تذهب بالجميع نحو قرارات من نوع مختلف.
بالطبع سيتوقّف البحث طويلًا أمام رغبات الخارج وضغوطه، ولا سيّما وأنّه بدأ التداول في أسماء «مرشّحي دول» يسعى البعض إلى ترويجهم ولو أنّهم آتون من خارج النوادي السياسية التقليدية وغير التقليدية، وهنا أيضًا يكون البحث حول اسم يتلاقى عليه الثامن من آذار مع ما يمكن توصيفه بالرضى الاقليمي والدولي.
بالنسبة إلى الثامن من آذار لن يكون باسيل مرشّحًا، ولكن أجواء 8 اذار تجزم أنّها لن توصل رئيسًا من خارج جوّها السياسي والوطني، والأهم أنّه لن يكون مواجهًا لباسيل، بل سيكون وصوله بالتكافل والتضامن مع الكتلة المسيحية الأكبر داخل المجلس النيابي. وهذا لا يعني أن ينال أي مرشّح أصوات كتلة «لبنان القوي»، ولكن ليس في الأصوات وحدها تحيا العهود!