IMLebanon

جبران باسيل يبحث عن رئيس… يرأسه

 

لا مؤشرات توحي بأنّ دعوة رئيس «التيار الوطنيّ الحرّ» جبران باسيل، بكركي لقيادة مبادرة رئاسية، تشبه تلك التي قامت عشية الدورة الماضية، قد تجد طريقها إلى التنفيذ. لا بل، تزيد حدّة السجالات المشتعلة بين معراب وميرنا الشالوحي، من الهوة التي قد تحول دون التقاء «الممثلين الفعليين» للمسيحيين، على حدّ توصيف باسيل… أقلّه إلى الآن، ذلك لأنّ التجارب بيّنت أنّ الاستحقاق الرئاسي «قد يخلق من لا نعلم به» ومن شأنه صناعة مفاجآت لا تخطر عادة في البال.

 

في الواقع، فإنّه إلى جانب هذه الدعوة التي ولدت ميّتة، لم يتوسّع رئيس «التيار الوطني الحرّ» في سرد المواصفات التي يريدها في الماروني الذي سيخلف الرئيس ميشال عون في قصر بعبدا. وهو اكتفى بشرط واحد: التمثيل الشعبي. اذ شدد على وجوب أن يملك الرئيس «تمثيلاً يتجسّد بكتلة نيابية ووزارية تدعمه وتزيد من قوة صلاحياته وموقعه»، فيما أعلن حزبه أنه «متمسّك بإجراء الإنتخابات الرئاسية في موعدها قبل 31 تشرين، ومتمسك خصوصاً بوجوب أن يحظى من يتولى موقع رئاسة الجمهورية بالميزة الأولى وهي التمثيل الشعبي».

 

وهذا ما يعني أنّ مرشحَيْن لا ثالث لهما يستطيعان عبور خرم الإبرة البرتقالية: جبران باسيل وسمير جعجع. وبالفعل، يقول النائب فريد البستاني في مقابلة له أمس إنّ «مرشح تكتل «لبنان القوي» الطبيعي للرئاسة هو جبران باسيل ومرشح «القوات» اللبنانية هو سمير جعجع والأرجح أن يعطي الثنائي الشيعي صوته للأقرب إلى «تكتل لبنان القوي».

 

اذاً، باسيل هو مرشّح طبيعي بحكم ترؤسه تكتلاً نيابياً واسع التمثيل الشعبي، ولو أنّ مصير هذا «التكتل» سيصبح موضع نقاش وجدل بعد انتهاء ولاية ميشال عون، لكن الظروف ليست مساندة أو داعمة لترشيح باسيل، ما يقود إلى سيناريوات مختلفة تجعل من الأخير «صانع الرئيس» أو «أباه الروحي»، أو «شريكه المضارب»، خصوصاً وأنّ تركيبة البرلمان هي أشبه بتجمع «فيتوات» لا غالب فيها.

 

وفق بعض المعنيين، فإنّ باسيل مقتنع بأنّ الرئاسة ليست على مقربة منه لأكثر من سبب. أول تلك الأسباب هو العقوبات الأميركية، وثانيها هو الفيتوات المتراكمة ضدّه من جانب أكثر من فريق سياسي تجعله يحتاج إلى معجزة سياسية ليقلب الطاولة رأساً على عقب وليتحوّل الخصوم حلفاء أو شركاء… ولو أنّه في قرارة نفسه، يطمح إلى استنساخ تجربة انتخاب ميشال عون حين أقفل «حزب الله» كلّ الممرات الجانبية والخلفية التي قد تؤدي إلى وصول غير «الجنرال» إلى بعبدا. لكنها على الأرجح، أشبه بأحلام اليقظة.

 

في المقابل، هو متأكد أنّ «حزب الله» لن يتخلى عنه ولن يتعامل معه كبضاعة منتهية الصلاحية، فالحزب لن يعادي البيئة المسيحية التي يمثلها العونيون، وطالما أنّ باسيل لا يزال رئيس تكتل نيابي وازن وصاحب تمثيل شعبي فسيكون الحليف المدلل، ولكن حين تُنسف هذه المعادلة يصير لكلّ حادث حديث.

 

ولهذا، يسعى رئيس «التيار الوطنيّ الحرّ» لاستخدام مخزون مكانته السياسية ليكون عرّاب الرئاسة العتيدة وممرها الإلزامي مع العلم أنّ «الحزب» يتعاطى معه على هذا الأساس، وبهذا المنطق كان اللقاء- الافطار مع رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية من باب فتح قنوات حوارية بين الرجلين، لعلها تساعد على ردم الهوة وتقريب المسافات بينهما اذا ما بدت حظوظ القطب الزغرتاوي جدية وبات على قاب قوسين من «القصر».

 

لكن دون هذا التفاهم، إلى الآن، الكثير من الصعوبات وفق ما يقول المتابعون، ذلك لأنّ المواصفات التي يشترطها باسيل على مرشّحه للرئاسة، وهي غير تلك المعلنة، والتي يختصرها بشرط التمثيل الشعبي، قد تجعل من امكانية اتفاقهما صعبة جداً.

 

يؤكد هؤلاء أنّ باسيل يستخدم سلاح التمثيل الشعبي، ليترك العصا بيده وليُخرج ترشيح فرنجية من المعادلة ويزيد من صعوبة حصوله على فيزا ميثاقية، لكونه يبحث عن مرشح من مواصفات مختلفة. وفق المعنيين، فإنّه في حال أقفلت كلّ الطرقات بوجه «رئيس التيار الوطني الحر» وسيضطر إلى تسمية مرشح – تقاطع مع حليفه الشيعي أي «حزب الله»، فسيكون ذلك من باب ضمان مستقبله السياسي والشعبي، بمعنى البحث عن رئيس لا يشكّل خطراً على حضوره وحساباته المستقبلية، وهو مسار قد لا يضمنه مع سليمان فرنجية في حال انتخابه رئيساً، حتى لو حصل ذلك بضمانة تفاهم ثنائي، فهو يرى أنّ وصول القطب الزغرتاوي إلى بعبدا سيؤدي حكماً إلى تقلّص حيثيته الخدماتية، الشعبية والزعامتية، ونزوح الكثير من «المفاتيح الباسيلية» لتقديم الولاء أمام سيّد القصر الجديد، والأرجح تحوّله مع الوقت إلى مجرّد رئيس كتلة نيابية صغيرة. وهذا الهاجس قد يدفعه إلى البحث عن مرشح بمعايير مختلفة، تسمح له بضمان استمراريته السياسية على نحوّ لا يشكّل خطراً عليه. وهو الميزان الذي سيقيس به كلّ الترشيحات التي ستوضع على طاولته.