مع اقتراب نهاية ولاية رئيس الجمهورية ميشال عون، بدأت الإصطفافات السياسية والمواقف تفرض نفسها، بحيث ثمة معلومات عن جبهات سياسية جديدة مغايرة عن المرحلة الراهنة، وحيث ينقل بأن رئيس الجمهورية ستكون له محطات سياسية مع أفرقاء وأحزاب وقيادات بعد صعوده إلى الرابية، وقد يصار خلالها إلى تكوين جبهة برئاسته لمواجهة استحقاقات المرحلة القادمة، وستكون معارِضة بامتياز، وعصبها “التيار الوطني الحر”، في حين سألت بعض المصادر السياسية المتابعة، عن دور حزب الطاشناق حيال ما يحصل، لا سيما وأنه كان من المقاطعين لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية الخميس المنصرم، وذلك يعتبر خروجاً عن التقليد السياسي الأرمني الذي لا يسير في مقاطعة الإستحقاقات السياسية والدستورية، وسط تساؤلات حول ما إذا سيكون الطاشناق إلى جانب “التيار البرتقالي” أي معارضة العهد الجديد؟
هنا ترى مصادر متابعة، أن ثمة استحالة أن يكون حزب الطاشناق في مواجهة السلطة المتمثلة برئاسة الجمهورية والحكومة، أي أن يكون مقاطعاً وغير مشارك في حكومة العهد الأولى، ولكن، ربما تضامن مع “التيار الوطني الحر” في مناسبة 13 تشرين، ولا يعني ذلك أنه سيقاطع الجلسات القادمة لانتخاب رئيس الجمهورية العتيد.
في السياق، فإن مصادر معارضة للتيار وباسيل، تؤكد بأن الإستعدادات بدأت على خط “التيار الوطني الحر” ومؤسّسه من أجل صياغة نهج جديد إستعداداً لمواجهة الخصوم، ولكن في المقابل، فإن خطاب رئيس “التيار” النائب جبران باسيل في “البيال”، صبّ في خانة الشعبوية وتبرئة الذات على صعيد ما حصل في السدود والكهرباء والإتصالات والمياه وسواهم، لتحميل وزر هذا الفشل إلى العهد الجديد وحكومته الأولى، وبالتالي وقبل انتهاء الولاية ، قطع الجسور مع الأفرقاء الآخرين، المسيحيين منهم أو على المستوى الوطني العام، متّهما الجميع بالإرتكابات والفساد توطئة لانتقاله إلى صفوف المعارضة بعد انتهاء ولاية الرئيس عون مباشرة، وهذا ما يعتبر هروباً إلى الأمام للتغطية على الخيبات والفشل الذي رافق هذا العهد منذ بداياته وحتى اليوم.
من هذا المنطلق، فإن المتابعين والمراقبين للتطورات، وما ستؤول إليه الأوضاع لاحقاً، يتحدثون عن خضّات كبيرة ستشهدها الساحة السياسية الداخلية، من خلال مواجهة حامية أسّس لها باسيل في خطاب “البيال”، وبمعنى أوضح، يُتوقع أوائل الشهر المقبل أن تنطلق حملات التصعيد وإطلاق المواقف النارية من “التيار” ومؤسّسه، مستغلّين حال الشغور الرئاسي وعدم نضوج التسوية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية. وبالتالي، فإن المعلومات تؤكد بأن تكتل “لبنان القوي” سيقاطع جلسات الإنتخاب، وهذا ما أشار إليه باسيل في ذكرى 13 تشرين، عندما قال بشكلٍ أو بآخر “لن نقبل إلاّ رئيسا لديه حيثية وتمثيل واسع”، والسؤال إستطراداً، فإن الرئيس عون جاء من حيثية تمثيلية وتكتل نيابي كبير، إضافة إلى كتلة وزارية وازنة رافقته طوال عهده ولم يتحقّق أي إنجاز في البلد، لا بل أن الأمور سارت نحو الإنهيار الكلي، لذا، فإن “التيار” لا يمكنه التعطيل والإستمرار في رفع سقف الشروط في ظلّ ظروف هي الأخطر في تاريخ لبنان، وأيضاً من خلال المواكبة والمتابعة الدولية للإستحقاق الرئاسي، بحيث كان عنوان زيارة وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا، الحضّ والتشدّد في ضرورة إجراء الإنتخابات الرئاسية في موعدها الدستوري المحدّد، محذّرة من مغبة التعطيل.
والسؤال هنا، هل بمقدور باسيل الإستمرار في مقاطعة جلسات انتخاب الرئيس، ولا سيما أن معظم حلفائه يدركون مخاطر هذه المسألة؟ في هذا السياق، تقول المصادر المعارضة لباسيل، ان ما يريده رئيس “التيار” يتمثل بالحصول على ضمانات ووعود ليكون له حصة وازنة في حكومة العهد الأولى، وفي التعيينات الإدارية والأمنية إلى مواقع أخرى، ولذلك هو يرفع سقف شروطه لتحقيق المزيد من المكاسب في ما تبقى للعهد من أيام معدودة.