لم يعلن فريق 8 آذار حتى الساعة تبنّي أي مرشح رئاسي رسمي. ففي الجلسة الأولى إختار التصويت بورقة بيضاء ومن ثم طيّر النصاب لكي يحافظ على وحدته الداخلية وكرر الأمر نفسه في الجلسة الثانية وفي جلسة الأمس.
لا يزال عامل الوقت يلعب لمصلحة «حزب الله» وحلفائه، فهو مطمئن إلى عدم قدرة المعارضة على التوحّد والاتفاق على اسم، في حين أنه يملك السلاح الأقوى منذ إنتخابات 2007 الرئاسية، وهو الثلث المعطّل.
ولم يستطع «الحزب» حتى هذه اللحظة حلّ الخلاف القائم بين رئيس «التيار الوطني الحرّ» النائب جبران باسيل ورئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية.
وتوحي أجواء بنشعي بأنّ «لا تقدّم ملموساً على مسار المفاوضات الرئاسية» ، ففرنجية «لا يرغب في أن يكون رئيساً تصادمياً مع الخصوم، فكيف الحال بالنسبة إلى من هم في الخط نفسه ويدعمون خيار المقاومة؟ بينما تبقى العقدة في طموح باسيل الرئاسي».
أمّا في ميرنا الشالوحي، فهناك تصلّب في الموقف أكثر، إذ إن باسيل يعتبر أن حظوظه الرئاسية مرتفعة خصوصاً بعد إنجاز صفقة ترسيم الحدود البحرية، كما أنّ هناك معياراً جلياً وضعه العونيون للمرشّح الرئاسي ومفاده أن «أي رئيس جمهورية يجب أن يحظى بتمثيل شعبي مسيحي أو أقله بدعم الكتل الأساسية أسوة بما يحصل عند انتخاب رئيس مجلس النواب وتسمية رئيس الحكومة».
وإذا كان التباعد السياسي سمة العلاقة بين باسيل وفرنجية، إلا أن لباسيل حسابات شمالية وبترونية تساهم في رفض فرنجية.
وفي السياق، فإن هناك مخاوف جديّة لدى الكوادر الباسيلية في الشمال من تصاعد نجم فرنجية بعد انتخابه رئيساً، ومعروف أن باسيل أكل من صحن تيار «المردة» في الشمال عموماً وفي البترون خصوصاً، حيث تشكّلت الحالة العونية في أواخر الثمانينات وحصدت كل المستقلين والناقمين على الأحزاب، واستوعبت قسماً من مناصري حزب «الوطنيين الأحرار». وفي البترون تحديداً، ظلّ تواجد النائب بطرس حرب عائقاً دون تمدّد الحالة العونية وجذبها للحالة الشمعونية التي كانت متواجدة بقوة في وسط وجرود البترون، ولحظة دخول باسيل إلى الحياة السياسية وتحالفه مع فرنجية في انتخابات 2005، وجد البتروني الذي يميل إلى خط 8 آذار أن باسيل أقرب اليه من فرنجية، وقد أغدق باسيل الخدمات على قسم كبير من البترونيين مما ساهم في إضعاف «المردة» والتحاق غالبيتهم بـ»التيار الوطني الحرّ» تحت شعار مناصرة «إبن البلد».
وقد تراجعت أرقام باسيل في آخر انتخابات بينما تصاعد نجم «القوات» التي حلت الأولى في البترون وتخطى مرشحها غياث يزبك باسيل بأكثر من 2100 صوت، ما سبّب إهتزازاً في زعامة «صهر العهد». وإذا تمّ إنتخاب فرنجية، فالقاعدة المعروفة وهو أن المفاتيح والنافذين والرأي العام ميّالون لمسايرة من هم في السلطة، فمن كان مع باسيل في ظل قوته سيعود إلى فرنجية خصوصاً إذا كانت جذوره «مردية»، لذلك فإن هذا العامل يشكل سبباً إضافياً لرفض رئيس «التيار الوطني الحر» ترشيح فرنجية خصوصاً مع طموح تيار «المردة»، بعد الضربة التي تلقاها في الانتخابات النيابية الأخيرة، بالعودة إلى الشمال المسيحي والإنتشار في أقضيته.
ويفكّر باسيل جدياً بإعادة لململة تياره وتثبيت زعامته التي ستضعف حكماً بعد خروج الرئيس ميشال عون من قصر بعبدا، لذلك فان انتخاب باسيل لفرنجية سيعدّ مغامرة قاتلة قد تضعفه أكثر.
إذاً، ما زال التباعد كبيراً بين الرجلين فيما الجميع ينتظر كلمة السرّ، علماً أن مصادر ميرنا الشالوحي تجزم بأن لا تنازل في الملف الرئاسي، لكن التجارب السابقة تدل دائماً على عدم إقتران الأفعال بالأقوال مع «التيار البرتقالي».