هل فتح رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل باب المواجهة على مصراعيه متصدّياً لتسلّم حكومة تصريف الأعمال الصلاحيات الرئاسية؟ في حضرة الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصر الله أعلن استحالة الإستمرار بسياسة الورقة البيضاء رئاسياً، واشتكى من حليف الحليف. وفي بكركي قال «اللهم اني بلغت».
ساعات فاصلة عن نهاية عهد رئيس الجمهورية ميشال عون. في اليومين الأخيرين لم يوفر كبيرة أو صغيرة إلّا وخرج بها الى الرأي العام. حزيناً بدا عون على عهده الذي غلب عليه التعطيل. وزّع رسائله والاتهامات في كل الإتجاهات. وقبيل مغادرته قصر بعبدا كثّف اطلالاته الإعلامية ورفع سقف مواقفه. وعلى عكس ما درجت عادة من سبقه من الرؤساء، أعدّ لمغادرته احتفالية ومواكبة اعلامية وشعبية. حتى نهاية عهده يصرّ على متابعة نشاطه الرئاسي واستقبالاته الرسمية. كال عون الاتهامات بحق رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي واتهمه بأنه يرفض تشكيل حكومة. وفي علاقته مع رئيس مجلس النواب نبيه بري أفصح عن تلك العبارة التي وقفت عائقاً في طريق العلاقة بين بعبدا وعين التينة «الله لا يخليني اذا بخليه يحكم». ولم يحكم.
والاثنين هو يوم أول بلا الرئيس عون في بعبدا. جبران باسيل حاضرٌ وقد تحرر من عبء السلطة. قبيل نهاية العهد بساعات وفي ذروة الخلاف حول الحكومة وضبابية المشهد الرئاسي أعلِن عن لقاء جمعه بالسيد حسن نصر الله . كما «التيار الوطني الحر» كذلك «حزب الله» لم ينفيا اللقاء. التحضير لعقده بدأ منذ فترة وغايته الأساسية وضع خارطة طريق للإنتخابات الرئاسية ومعالجة العقبات التي تعيق تشكيل الحكومة.
وفي انتظار ما سيفصح عنه السيد نصر الله في خطابه اليوم، فإنّ المشاورات الحكومية تسارعت أمس، اذ شهد ارتفاعاً في منسوب التوتر على جبهة بعبدا – عين التينة والسراي. وقد أعقب باسيل لقاء السيد بزيارة الى بكركي عكس خلالها أجواء بحثه في المقرين.
في حسابات «حزب الله» أنّ الساعات الفاصلة عن نهاية عهد عون قد تحمل مؤشرات ايجابية حكومياً. هذا ما يسعى اليه وما حاول إقناع باسيل به. خلال الساعات الماضية أبلغ ميقاتي «حزب الله» عزمه على عقد جلسة عادية لمجلس الوزراء لكنّ الأخير فضل التريث مبلغاً عدم حضور وزارئه الجلسة، ومثله فعل عدد من الوزراء ممن رفضوا حضور اي جلسة حكومية في حال لم تتشكل الحكومة. يتخوّف «حزب الله» من فراغيْن. وطالما أنّ الفراغ الرئاسي غير مقدور على معالجته بعد، فالأجدى تدوير الزوايا حكومياً.
يعتبر باسيل أنّ المشكلة في الحكومة وليس في أي مكان آخر. أبلغ «حزب الله» صراحة أن بري يغطي ميقاتي ويتواطأ معه من أجل استمرار حكومة تصريف الأعمال في ظل الفراغ الرئاسي، وأن وزراء «التيار» والوزارء المسيحيين لن يحضروا أي جلسة للحكومة لتغطية الفراغ الرئاسي.
وعلى طريقة «اللهم إني بلغت» نبّه الى فصل جديد من المؤامرة التي ينفذها ميقاتي بالتوافق مع بري، بحسبه. عون وباسيل رفعا وتيرة التصعيد في المواقف في مواجهة ميقاتي وبري، وهو ما حاول «حزب الله» امتصاصه وتطويق الموقف في محاولة لإقناع ميقاتي بتشكيل الحكومة في الساعات القادمة. في الموضوع الرئاسي علِم ان باسيل أبلغ «حزب الله» صعوبة الإستمرار في سياسية الإنتخاب بورقة بيضاء وطالما أنّه ليس مرشحاً ويرفض انتخاب سليمان فرنجية فليتم الإتفاق على مرشح يشكّل نقطة تقاطع لإنتخابه. مواقف باسيل في بكركي اختصرت الأزمة وعمقها على قاعدة أن الآتي أعظم.
مصدر قيادي مقرب من عون قال إنّ «ميقاتي وبعيد تكليفه توجّه الى بعبدا مباشرة وقال لرئيس الجمهورية حرفياً «أنا بعد الانتخابات غير ما قبلها، وان شاء الله لن اتعبك». يمضي المصدر قائلاً «كان في لحظة ضمير وصحوة نادرة واعترف مسبقاً أنّه لن يسهل أمر تشكيل الحكومة وهو ينفذ مخطط يتشاركه مع بري وتغطيه مرجعيات دينية مع غطاء دولي لحكم البلد».
ساعات ثقيلة يمضيها «حزب الله» في سباق محموم بين تصعيد باسيل وتشكيل الحكومة حيث تقول مصادر عليمة في «التيار الوطني الحر»: «نأمل من الاثنين ألّا يُنغّص على اللبنانيين فرحتهم بالترسيم». رسالة باسيل الواضحة كانت بأن هناك من يقف خلف ميقاتي ويدفعه نحو تسلّم صلاحيات الرئيس وهذا له أبعاد خطيرة»، متابعاً «ما زلنا في أول الخلاف والتصعيد سيتوسع وسيضع التيار المسيحيين أمام مسؤولياتهم. في زمن الطائف فرّطتم بصلاحيات الرئيس فهل سيتم السكوت عن ما تبقى له من صلاحيات اليوم».