في إحدى المقابلات التلفزيونية، قال المحاوِر لرئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل إنّ الإنطباع السائد عنه أنّه يُملي على الرئيس عون قراراته، فأجابه باسيل بسؤال، للتعبير عن عدم موافقته على الإنطباع: «إنت شاغل شي مرة مع الجنرال عون»؟
يختصر هذا الجواب حقيقة أنّ «الجنرال سيد نفسه»، وأنّه يقرر من دون أن يُملي أحد عليه قراراته، ولا سيما «المتّهم» جبران باسيل، بدليل أنّ أخطر القرارات التي اتخذها الجنرال عون، لم يكن جبران باسيل شريكاً فيها، لا بل لم يكن موجوداً في حياة عون:
جبران باسيل لم يكن موجوداً في «حرب التحرير» التي أعلنها العماد عون، والتي تسببت في تدمير المناطق الشرقية، من دون أن تحقق أهدافها، المعلنة وغير المعلنة، كان «ابن 19 سنة»، ولم يكن تعرَّف بعد على الجنرال عون، تماماً كما في «حرب الإلغاء»، التي فشِلت بدورها، لم يكن باسيل موجوداً، وكان «ابن عشرين سنة»، وكانت أهواؤه السياسية، من بيته وبيئته، عند النائب البتروني في حزب «الكتلة الوطنية» سايد عقل. الجنرال هو المسؤول الأول والأخير عن حربيْن مدمّرتين لم يكن باسيل موجوداً فيهما.
لم يتعرَّف جبران باسيل على الجنرال عون إلا عام 1996، أيّ بعد ست سنوات من تلك الحروب، كان ذلك في ظروف انتخابات نقابة المهندسين، بعد تخرّجه مهندساً من الجامعة الأميركية في بيروت، حين سافر بمعية أحدهم إلى فرنسا للقاء الجنرال، ومن هناك «تبتدي الحكاية»، على رغم أنّ ريبةً منه سادت في المرحلة الأولى، على خلفية تقرّبه من أنصار عون، ودوافع ذلك التقرب.
مصاهرته للجنرال من خلال زواجه من كريمته الصغرى شانتال، سنة 1999، أنقذته من الإعتقال في أيار 2000، ويقول خصومه إنّه أثناء التحقيق معه من قِبل مديرية المخابرات في الجيش اللبناني، قال في إفادته إنّ لا علاقة له بنشاطات «التيار» وإنّه فقط صهر الجنرال عون، ويُقال إنّ الحظ بدأ يلعب لعبته منذ ذلك التاريخ.
بلغت لعبة الحظ ذروتها عند عودة الجنرال عون من فرنسا. شيئاً فشيئاً جرى تهميش القريبين و»رفاق السلاح والنضال»: من اللواء عصام أبو جمرا إلى العميدين فؤاد الاشقر وطوني عبد النور، إلى آخرين، كانت «تيريز» في الرابية قبل أن تنتقل مع الجنرال إلى القصر الجمهوري في بعبدا، لم توجِدْ نفسها بل إن الجنرال عون هو الذي أوجدها. أهمّ نجاح حققه جبران باسيل في «مدرسة» ميشال عون، أنه عرف كيف يحوز على ثقته المطلقة، معروف عن الجنرال أنه «شكِّيك» ولا يرتاح إلى أي شخص بسهولة. حيازة باسيل على الثقة المطلقة لدى الجنرال، جعلته «الرجل الأول والأخير» لديه.
عرف باسيل كيف»يستثمر» في هذه الثقة، لم يكن يُعد قراراً أو يهيئه إذا شكك لحظة أنّ هذا القرار يمكن أن يثير شكوكاً لدى الجنرال. تبعاً لذلك فإنّ الجنرال هو صاحب القرار، وهو الذي يتخذه، وجبران لا يعترض لأنّه «الشيف» الذي يعرف كيف يضع «المقادير» لطبخة أي قرار.
هذا التداخل، مع الأولوية للجنرال، تجعل من الظلم ربما تحميل جبران مسؤولية «صَلب» التيار او إفشال العهد.
الجنرال هو المسؤول الأول، فلا تظلموا جبران.
