IMLebanon

جبران باسيل يشتري الوقت… بالـ”يورو”!

 

لم تُنشر صور الرئيس السابق ميشال عون «يكزدر» برفقة رئيس «التيار الوطني الحر» في شوارع البترون عن عبث. بالأساس، كلّ الفكرة لم تأت من فراغ، كما مشروع تفقّد محطة الـOTV، وما سيليها من زيارات مشتركة بين عون وباسيل، تقصد بشكل لا يقبل الإلتباس، اقناع الرأي العام العوني، أو ما تبقى منه، أنّ باسيل هو الوريث الشرعي والحصري للعماد ميشال عون.

 

بتوصيف أدق، هي المحاولات الأخيرة لإنقاذ شعبية رئيس «التيار الوطنيّ الحرّ» من تدهور دراماتيكي يُخشى حصوله، وسط مخاوف تؤرقه وتجعله أسير القلق مما ستحمله الأيام المقبلة، التي قد تكون حافلة بالتحديات الصعبة، سواء على مستوى «تكتل لبنان القوي» في ضوء التباينات الصارخة التي تهدد وحدة «التكتل» وتضامن مكوّناته، وما الاختلاف في وجهات النظر بين رئيس التكتل ونائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب ازاء ملف الكابيتال كونترول إلّا عيّنة بسيطة لما يحصل على طاولة التكتل… أو على مستوى «التيار» الذي يعاني من اهتراء داخلي مرشّح لأن تتسارع وتيرته في القريب العاجل… أو على المستوى السياسي بعدما فقد باسيل كلّ الحلفاء، فيما تربطه بالحزب علاقة حاجة الأخير للغطاء المسيحي، الذي لا يزال حتى اللحظة بمقدور باسيل تأمينه… أو على المستوى الخارجي رغم محاولات رئيس «التيار» تجميل واقعه، على طريقة تحوير الوقائع، لا تغييرها.

 

بهذا المعنى، يمكن قراءة الزيارة التي بدأها باسيل إلى العاصمة الفرنسية بعد زيارته قطر، في محاولة منه لخرق العزلة الدولية التي أحاطت به منذ ادراج اسمه على لوائح العقوبات الأميركية. للتوقيت هنا أهميته الاستثنائية بالنسبة لرئيس «التيار الوطنيّ الحر». وذلك لكل الاعتبارات الواردة أعلاه والمتصلة بشبكة علاقاته وبكل ما يحيط به، بدءاً بالدائرة الصغيرة اللصيقة، وصولاً إلى الدوائر البعيدة.

 

كما أنّ التوقيت يرتبط أيضاً بساعة الاستحقاق الرئاسي الغارق في متاهة شغور، يصعب تحديد مواقيته ومآلاته، ولو أنّ باسيل يملك واحداً من مفاتيحه، وتحديداً تأييده لأي مرشح آخر. وهو واحد من المفاتيح الذي قد يفتح قصر بعبدا من جديد.

 

في ظلّ هذه العوامل تحصل الزيارة الفرنسية، في وقت تسعى فيه إدارة الإليزيه إلى تحريك المياه اللبنانية الراكدة ليس انطلاقاً من أي مبادرة جديّة، ولكن على جاري عادتها في التعامل مع هذا الملف، فهي تحاول البحث عن معادلة ما من شأنها أن تسرّع عقارب الشغور لكي تسير عجلة الدولة على نحو سليم.

 

وفق المتابعين، لا تضع الإدارة الفرنسية في جيبها أي لائحة رئاسية كما لا تفضّل مرشحين على غيرهم. كلّ ما في الأمر أنّها باتت مقتنعة أنّ ثمة مرشحَين جديَّين، وإن كانا غير معلنيْن، هما رئيس «تيار المردة» سليمان فرنيجة وقائد الجيش جوزاف عون. وهي تحاول العمل مع الدول المعنية على مخرج ما ينهي حالة الشغور الرئاسي، تبعاً للظروف الدولية الآخذة في التطور. سلّة أهدافها تختزل بمطلب واحد: عدم إطالة أمد الشغور.

 

أمّا لغايات باسيل من الزيارة الفرنسية، فحكاية أخرى. وفق المتابعين، فإنّ الضجّة التي أثيرت حولها، تفوق حجم الزيارة التي لا تتعدى عقد سلسلة لقاءات مع مجموعات حزبية من «التيار»، ونواب وشيوخ فرنسيين، والمستشار الرئاسي باتريك دوريل… أمّا الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون فهو يشارك في أعمال «قمّة العشرين» في بالي!

 

والأرجح أنّ السفير اللبناني في باريس رامي عدوان وهو من المقربين من باسيل بعدما كان مدير مكتبه في وزارة الخارجية، ما زال يزوّد رئيس «التيار» بالمعطيات الدبلوماسية الفرنسية ويجنّد علاقاته في خدمته.

 

جلّ ما يريد باسيل اثباته، هو أنّه لم يعد في عزلة دولية، وأنّه ليس مطوّقاً بفعل العقوبات، لا بل هو قادر على التحرّك وتوسيع رقعة حراكه الدولية. وهو أمرٌ يسجّل له. أما أبرز المستهدفين بهذه الرسالة فهو «التيار الوطنيّ الحر»، اعتقاداً من باسيل أنّ عودته إلى الساحة الدولية تساعده على اقناع ناسه أنّه لا يزال لاعباً أساسياً ورقماً صعباً، وأنّ الظروف لم «تقض عليه». هو الأسلوب عينه الذي يستخدمه في محاولة اقناع جمهوره، مثلاً أنّ علاقته بالإدارة الأميركية تحسّنت بعد انجاز اتفاق ترسيم الحدود. والحقيقة غير ذلك.

 

كذلك، يسعى باسيل، وفق هذه الخطة إلى تحسين شبكة علاقاته الداخلية والخارجية، كما شراء مزيد من الوقت قبل أن يداهمه الضغط، ضغط الحلفاء تحديداً، بالحاجة الملحّة إلى انجاز تفاهم مع فرنجية، تحت وطأة الانهيار المالي والاقتصادي وعدم قدرة الوضع الداخلي على تحمّل مزيد من الاهتراء… وهذا الوقت، لا يزال يعتقد باسيل أنّه سيكون لمصلحته اذا ما جرت رياح المساعي لسحبه عن لائحة العقوبات، كما تشتهيه سفنه، لتأتيه بالفرصة الذهبية.