يتجه لتغيير إستراتيجيّته من مُرشح طامح ببعبدا الى صانع للرؤساء… –
لم يتحمّل رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل دعم رئيس تيار”المردة” سليمان فرنجية الى الرئاسة من قبل حليفه الوحيد المتبقي له أي حزب الله، بعدما أبلغ ذلك الى نجله النائب طوني فرنجية، لكن من دون ان يعلن ذلك رسمياً، والمهم انّ المعنيّ الاول وصلته الرسالة التي كان ينتظرها، فيما خصمه والمرشح مثله الى الرئاسة أي باسيل، جاءت سلّته خالية، ولم يكن يتوقع ذلك، إذ كان يراهن على نيله ذلك الدعم يوماً.
بلسيل إطمأن بأنّ الوقت لم يمّر بعد، لكن المفاجآة تزامنت مع جولته الى قطر وفرنسا، ليأتي ردّه عبر تسريب مقصود لفيديو وفق ما اشارت المعلومات، تحدث خلاله باسيل مع بعض محازبي ومناصري” التيار” في باريس، فحمل رسائل الى الخصم فرنجية لم يرحمه من خلالها، إضافة الى رسالة نحو حارة حريك بأن لا احد يمون عليه في الملف الرئاسي، وهذا يعني ان لا مجال لتصويت نواب “التيار” لرئيس “المردة” ونقطة على السطر، أي اراد إنهاء طموح فرنجية بيده وإفهامه “بأنّ لا سبيل لوصولك الى بعبدا، خصوصاً انك لا تملك الدعم المسيحي بغياب تصويت اكبر كتلتين مسيحييتن لك”، أي “التيار الوطني الحر” و “القوات اللبنانية”، الامر الذي يشكل عائقاً كبيراً امام وصول رئيس “المردة” الى القصر الجمهوري، كما انّ بكركي لم تعلن في أي مرة موافقتها عليه، بل وضعت صفات رئاسية عن المرشح المقبول لديها.
الى ذلك، يبدو المشهد اليوم بين حزب الله و باسيل مطوّقاً بهزّة سياسية قد تنتج عنها تردّدات، لكنها بالتأكيد لن تتحوّل الى زلزال، لانّ الحزب يحفظ دائماً خط الرجعة مع الحلفاء، فيما باسيل لم يحفظه هذه المرة، لانّ الكيل طفح من فرنجية وفق ما تعتبر مصادر سياسية مطلعة، وتقول: باسيل ” بق البحصة ” هذه المرة، لانه يريد إنهاء مسألة المطالبة المتكرّرة من الحزب لدعم لفرنجية، خصوصاً انه سبق ان اعلن انه لن يصوّت له سائلاً ولماذا اقوم بذلك؟ من دون ان يسمعه الآخرون، اذ اعتبروا انه سيأتي اليوم الذي سيسير فيه برئيس” المردة” وفق تسوية.
لكن وعلى ما يبدو، ان باسيل لن يسير بتسوية توصل غيره الى بعبدا بدل ان تفتح له طريقها، أي انهّ “فكّر صح ” وقال:” لماذا أعطي هذا المركز لغيري طالما قد يتوفر لي؟ خصوصاً انّ قطر وعدته خيراً وفق المعلومات بخصوص سحب العقوبات عنه، من خلال وساطتها مع واشنطن، لذا يعتبر نفسه انه إجتاز مسافات شاسعة وعرة، ولماذا سيقدّم الرئاسة على طبق من فضة الى فرنجية، طالما بدأت ابواب بعبدا تفتح امامه من جديد، الامر الذي يجعله واثقاً على الرغم من كثرة خصومه الذين لن يصوّتوا له بالتأكيد، لكن وعلى خط مغاير افيد بأنه تلقى نصائح ديبلوماسية غربية، ومن بعض افرقاء الداخل بسحب هذا الترشيح، لانه ليس رجل المرحلة، لربما تكون حظوظه اكثر بعد ست سنوات .
في غضون ذلك، نقل بعض حلفاء حزب الله رسائل شفهية مستاءة من كلام باسيل، فساد صمت مريب بين الطرفين، لان المصلحة تقتضي عدم ” زعل” الحزب الحليف، خصوصاً انّ حلم رئيس “التيار” بالرئاسة ما زال حاضراً وسيبقى حتى يتحقق.
في السياق، ووفق المعلومات تلقى رئيس ” التيار” نصيحة من بعض الديبلوماسيين، بأن يغيّر إستراتيجيته الرئاسية من مرشح طامح بدخول قصر بعبدا، الى زعيم صانع للرؤساء، وهذا اهم في المرحلة الراهنة، خصوصاً انه ما زال شاباً، مع نصيحة اخرى بأن يغيّر سياسته الداخلية والخارجية، وينفتح على جميع الاطراف السياسية، وينطلق نحو الحوار مع الجميع وإلا سيبقى حلمه الرئاسي مستحيلاً، لانّ الطامح بالمركز الاول يجب ان يتحلى بصفات معينة، ابرزها قربه السياسي من مجمل الافرقاء ، ويساعده بذلك انه رئيس كتلة نيابية لا يستهان بها، وبأن ينتظر الوقت المناسب له للعودة الى القصر الجمهوري، خصوصاً انه خارج من عهد إتسم بالخلافات والتناحرات، ولا سبيل الآن لنسيان كل ما جرى خلال السنوات الست التي مضت ، مذكّرين أياه بالنصائح التي توالت على العماد ميشال عون قبل العام 2016 ، كي يبقى في الرابية كزعيم مسيحي، ولا يدخل في اتون المعركة الرئاسية، التي بقيت على مدى سنتين ونصف السنة ضمن جولات باءت بالفشل، حتى 31 تشرين الاول من العام 2016 والتي إنتجت عهداً مليئاً بالانقسامات والتداعيات السلبية.