Site icon IMLebanon

باسيل في مواجهة إحراجَين

 

على هامش جلسة مجلس الوزراء أمس، ظهرت اكثر من اي وقت مضى رغبة «حزب الله» في دعم ترشيح رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية لرغبة استراتيجية تأخذ في الحسبان عدداً من الامور، لا سيما منها الاستراتيجية، مع علمه التام أنّ خياره الرئاسي هذا يدعمه رئيس مجلس النواب نبيه بري، وقد قررا الذهاب معاً الى الاستحقاق الرئاسي حتى النهاية.

ويرى المتتبعون لمجريات الاستحقاق الرئاسي انّ خيار بري و«حزب الله» في دعم ترشيح فرنجية هو خيار سهل التسويق على عكس المهمة الشاقة التي قادها «حزب الله» في العام 2016 لإيصال العماد ميشال عون الى رئاسة الجمهورية، حيث ان هذا الامر كان يومها من سابع المستحيلات، في حين انّ ترشيح فرنجية يلقى قبولاً إسلامياً مشفوعاً بحد مقبول من التأييد المسيحي الذي يمكن ان يُبنى عليه، وعدم ممانعة خارجية تتمثّل في قبول فرنسي وليونة سعودية تجاهه، فيكون فرنجية في هذه الحال المرشح الذي يؤيده «حزب الله» ويرتاح اليه سهل المنال، اذ من الصعوبة بمكان الانتقال من تأييد مرشح كهذا يتمتّع بمواصفات القوة والصفاء في الموقف الاستراتيجي، الى مرشح ثالث لا يمكن فَهم خفاياه الاستراتيجية واستخراج رأيه العميق في المقاومة حتى ولو انّ رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل هو مَن طرح اسمه، فيكون بذلك قبول باسيل بفرنجية أسهل بالنسبة الى «حزب الله» من تأييد مرشح ثالث.

 

ولكن أمّا وقد أمعَن باسيل في رفض تأييد فرنجية لاعتبارات غير مقنعة لـ«حزب الله» على الاطلاق ويرفض تبديد هواجسه لأسباب غير موضوعية، فإنّ الامر بات في مكان آخر اذا ما تم تقييم موقف «الحزب» أمس من جلسة مجلس الوزراء التي دعا اليها رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، بحيث يرى المطلعون في هذا المجال أنّ هذا الموقف هو اشارة ذات بُعد رئاسي مفادها انّ الاخلاص والتفاني والتفهّم هو أمر متبادل وانّ العمل السياسي لا يكون مرتكزاً على الانانية والطموح الشخصي وضرب الرؤية الاستراتيجية عرض الحائط، لأنّ الموضوعية تقول ان سقوط الاستراتيجيا هو سقوط للجميع ونجاحها هو نجاح للجميع، فلو لم تربح المقاومة معركة حلب لما كان ميشال عون رئيساً للجمهورية.

 

وبالنسبة الى «حزب الله» فإنّ الموضوع الاستراتيجي هو عمل مترابط كالسلسلة التي لا تتحمل قطعها، فالجميع ذو أهمية، وهذا ما مارسه «الحزب» منذ نشأة المقاومة حتى الآن. فعندما طُرح اسم سليمان فرنجية عام 2016 لرئاسة الجمهورية وعلى رغم من محبة الامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله له والود الذي يكنّه جمهور المقاومة له، بقي الحزب على الموقف نفسه من تأييد ترشيح العماد ميشال عون، وبرّر هذا التأييد بالعامل الاستراتيجي مفضّلاً عون على فرنجية على رغم من انّ ما مِن عاقِل في حينه اعتبر انّ السيد نصرالله قد يفضّل فرنجية على عون.

 

ويرى هؤلاء المطلعون على شؤون الاستحقاق الرئاسي وشجونه انّ ردة فعل «التيار الوطني الحر» على جلسة مجلس الوزراء أمس هي غير مبررة، وبالتالي يجب على «التيار» وعلى رئيس باسيل أكثر من اي يوم مضى ان يتحلّى بالحكمة وعدم الاندفاع الى مثل هذه المواقف المتشددة التي من شأنها عزله لأنّ خصومه، ولا سيما منهم المسيحيون، لن يتضامنوا معه لأسباب طائفية وهم لن يحرجوا بذلك، لا بل سيرونها فرصة مناسبة للانقضاض عليه عبر عزله وإثبات أنفسهم انهم يتمتعون بالليونة التي تسمح لهم بمُجاراة التسوية الدولية.

 

ومن جهة أخرى فإنّ «التيار الوطني الحر» لديه إحراج آخر ليس في سهولة الاحراج الاول، ويتمثّل بتَعاظم حظوظ قائد الجيش العماد جوزف عون في الوصول الى سدة رئاسة الجمهورية، والذي في إمكانه ان يصل في لحظة اقليمية ودولية معينة.

 

وإزاء هذا الامر ليس لباسيل القدرة الحزبية والفردية على ترشيح اسم آخر لرئاسة الجمهورية غير فرنجية وقائد الجيش، إذ عليه ان يختار أحدهما.