IMLebanon

التلويح بدعم معوض بعد لكمة “الحزب”

 

هل يصل خلط الأوراق الذي نجم عن مجريات المنازلة حول عقد جلسة مجلس الوزراء أول من أمس الإثنين والتي انتهت بتوجيه لكمة من «الثنائي الشيعي» إلى «التيار الوطني الحر» فأحبط سعي الأخير إلى نسفها بالثلث المعطل، إلى مرحلة تعديل في التحالفات ينعكس على موازين القوى النيابية في انتخابات الرئاسة الأولى؟

 

بصرف النظر عن أن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي كان المستفيد الأبرز من تلك اللكمة التي شارك في توجيهها «حزب الله»، الحليف الأبرز لرئيس «التيار الحر» النائب جبران باسيل، فإن قادة «التيار» ثم باسيل نفسه في مؤتمره الصحافي أمس لم يتركوا مجالاً للشك بأنهم يعتبرون دعم «الحزب» لانعقاد الجلسة طعنة في الظهر، بل ذروة جديدة في الخلافات بين فريقيْ «تفاهم مار مخايل» الذي بقي أساساً حبراً على ورق. فبنوده النظرية لم تكن للتنفيذ بل كانت غطاءً لوصول العماد ميشال عون إلى الرئاسة مقابل الغطاء المسيحي والشرعي لتحويل لبنان منصة للمحور الإقليمي الذي ينتمي إليه «الحزب».

 

«التيار» دأب خلال الأشهر الأخيرة على لوم «الحزب» وانتقاده، تارة لأنه يساير رئيس البرلمان نبيه بري على حساب علاقة التحالف معه، وأخرى بفعل تقصّده تجنب دعمه في صراعه مع ميقاتي على السلطة، على أنّه يكتفي بدور الوسيط بينه وبين رئيس حكومة تصريف الأعمال، بدلاً من أن ينحاز إلى ما يريده باسيل ومعه الرئيس السابق ميشال عون، سواء من بري أم من ميقاتي.

 

الواقع أنّه ليس باسيل وحده الذي دفع ثمن ذلك التحالف نتيجة اندفاعه بحماسة تفوق المطلوب (حسبما ينقل عن حلفاء مسيحيين «للحزب» منهم سليمان فرنجية قولهم)، في الانسجام مع مشروع إيران والمحور السوري الإيراني إقليمياً. وبين الأثمان خضوعه للعقوبات الأميركية التي يسعى جاهداً الآن للتخلص منها. فالحزب أيضا، دفع أثماناً كثيرة جراء لعبة ترك عون وباسيل يستأثران بالسلطة في أكثر الحالات، ويغرفان منها مكاسب تفوق المألوف، مقابل الخدمة التي قدماها له في تشريع تدخلاته في عدد من حروب وصراعات المنطقة.

 

وعلى رغم أن جسم «الحزب» وقدراته والتعبئة العالية التي تضمن الولاء الشعبي له في وسط الجمهور الشيعي، أقدر على استيعابها واحتوائها من «التيار الحر»، فإنّ كوادره وقواعده وجماهيره، راكمت على مدى السنوات الستّ الماضية نقمة لا تقل حدة عن نقمة واعتراض جمهور أحزاب سياسية وطائفية أخرى حيال تركه باسيل وعون يتماديان في هذا الاستئثار. وقادة «الحزب» ونوابه يعترفون في الغرف المغلقة، بأضرار تلك السياسة التي اضطر لاتباعها لأسباب قاهرة، عليه. بل إنّ بعضهم كانوا يتوقعونها فور انتخاب عون العام 2016 . ويقتضي التذكير أيضاً، بأن «الحزب» واكب بتواطؤ هجمات باسيل وعون ضد زعيم تيار «المستقبل» رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، و»اقتحاماته» ضد رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط في الجبل، لكنه لم يوفق في ليّ أذرع هؤلاء حين استغل العقل الإلغائي العوني الجاهز لافتعال الصدامات معهم، خصوصاً جعجع وجنبلاط.

 

لم يكترث الحليفان اللدودان طبعاً، لأضرار مفاعيل حلفهما على النحو الذي مارسه كل منهما، على البلد واللبنانيين، الذين يعيشون حصيلتها الجهنمية منذ 3 سنوات. فالعلاقة بينهما تنطلق أساساً من مصالح لا تأخذ في الاعتبار ما يعانيه البلد.

 

وصل الحليفان إلى الحقيقة المرة: «الحزب» يعتبر أنه أدى قسطه للعلى بترئيس عون ومواكبته ست سنوات، وعليه القيام بمساومة ما في عملية إعادة تكوين السلطة، لضمان تجديد الحماية لدوره الإقليمي، مدركاً أنّ باسيل بات ورقة محروقة لا تفي بالغرض. وباسيل لا يستطيع مغادرة شهوات السلطة ومنافعها وخسارة ما حققه من مكاسب، باسم الميثاقية والشراكة وتحصيل حقوق المسيحيين. وموقفه من المرشحين للرئاسة الأولى يأتي في هذا السياق، ناسباً لنفسه موقع الممر الإلزامي لأي رئيس مقبل، عليه أن يضمن تلبية ما يريد مقابل ترئيسه. لكنه لا يلقى تجاوباً من أي من المرشحين على رغم استعداد «الحزب» لمساعدته في ذلك.

 

من عادة «حزب الله» أن يصبر على باسيل وعون، ويترك لعامل الوقت أن يخفف من جموحهما، لأن لا بدائل لهما. لكن قيادة «التيار الحر» بجموحها، أخذت تلوح بعد اللكمة الأخيرة التي تلقتها، بافتراق قد يصل إلى حد الميل لانتخاب مرشح القوى السيادية النائب ميشال معوض من باب إعلانها أن إفشال «الثنائي الشيعي» استخدام «التيار» الثلث المعطل لمنع اجتماع الحكومة سيسبب «احتقاناً» في صفوفها يقود إلى «الانتقام». إلا أنّ انتقام باسيل بالتلويح بالانحياز إلى معوض مقابل سليمان فرنجية يعني تجاوز «الخط الأحمر» في الخصومة مع «الحزب»، يصعب استيعابه. ولذلك يستبعده من يعرفون طبيعة العلاقة بين الجانبين…