على خلاف العادة ضرب «التيار الوطني الحر» هذه المرة، الا انه لم يصب، فانقلب السحر عليه من داخل محوره، ففي شباك الرابية أهداف بالجملة سجلها الحلفاء، وسط دفاع مضعضع، هجوم مشتت وحارس مرمى مضلل، افقد الفريق البرتقالي توازنه على يدي الحلفاء لا الخصوم هذه المرة، بعدما مرر حزب الله الطابة للنجيب العجيب ليسجل الهدف في شباك التيار، برمية «مغرية» من اللاعب «الطاشناقي»، الذي رسم حدا فاصلا بين مرحلتين، لن يكون من السهل رسم تحالفات وفهم التوازنات الجديدة منها، في ظل الوضع الناشئ، والذي قد يدفع باستبدال الصوت الأبيض باسم في لحظة تخل، دافعا بالتيار إلى حضن بكركي ومعراب، ليبدأ خلط الأوراق بين الحلفاء. أين سيستثمر ميقاتي هذا الفوز؟ وأين سيحاول باسيل تعويض هذه الخسارة؟ وهل فقدت الورقة البيضاء في جلسات انتخاب الرئيس مفعولها؟
ففيما يحاول قياديو حزب الله، وتحديدا وزراؤه التخفيف من ضخامة ما حصل، والتأكيد على ان الامور بالف خير بين ميرنا الشالوحي وحارة حريك، يصر مسؤولو الاولى من كافة المستويات، وكذلك القواعد سواء على مجموعات «الواتساب» او وسائل التواصل الاجتماعي،على التأكيد ان الامور ذاهبة الى الصدام مع الحزب، مشيرين الى ان الاختلاف الاساسي اليوم هو حول رئاسة الجمهورية.
وتعتبر مصادر التيار ان حارة حريك مرتاحة للشغور في بعبدا، وهي غير مستعجلة اجراء الانتخابات، تماما كما لم تكترث لتشكيل حكومة جديدة، رغم تحذيرات التيار المتكررة، انطلاقا من اعتبارها ان لعبة الوقت هي في مصلحتها، وان الامور مضبوطة داخليا وعلى الحدود، كاشفة ان المسألة لم تعد «الخوف من الفتنة الشيعية – الشيعية» كما كان يروج، بقدر ما هي قرارات استراتيجية يتخذها الحزب لتحقيق مصالحه واجندته.
وتكشف المصادر ان رسالة الحزب الاساسية وصلت، والتيار سيتعامل معها ويردها بافضل منها، ذلك ان محاولات «تركيع» الوطني الحر لن تمر وكذلك عزله، سواء من الحلفاء او الخصوم، وللتيار القدرة وهامش الحركة كبير، لذلك فان الرد السياسي على ما حصل يوم الاثنين سيكون سياسيا الخميس في جلسة الانتخاب، فمن يعتقد ان «العونية» انتهت مع خروج الجنرال من بعبدا مخطئ جدا، ومن يراهن على انه قادر على حكم البلد بقبة باط خارجية من خلال حلف رباعي جديد هو واهم جدا، والايام ستثبت ذلك. وختمت المصادر الى ان قيادة التيار، تحت عباءة رئيس الجمهورية السابق العماد ميشال عون، تدرس كل خياراتها الرئاسية، مع مسلمة لا رجوع عنها عنوانها عدم انتخاب مرشح المحور سليمان فرنجية، ايا كان الثمن، وفي سبيل ذلك فان التيار قد يطلق سلسلة من الاتصالات حتى مع الخصوم، بمن فيهم «القوات اللبنانية»، ومن الوارد جدا التناغم مع خياراتهم الرئاسية، جازمة بان الامور بلغت نقطة اللاعودة وان المسألة لم تعد قضية «مسحها بهالدقن» او ابتزاز كما يحاول البعض التسويق له.
فهل يعني ما حصل ان لقاء الجنرال ميشال عون والسيد حسن نصرالله بات في علم الغيب؟ وهل يعني ان خيار محور المقاومة والممانعة قد حسم خياره الرئاسي بمرشح حصري هو سليمان فرنجية، وما حصل بالأمس كانت الضربة الأولى في عملية تحجيم التيار الوطني وتفتيت كتلته الوزارية بإخراج الطاشناق منها؟
ويبقى السؤال، رغم كلام باسيل، هل يستوعب ثنائي «امل» – حزب الله فداحة ما حصل عن سابق اصرار وتصميم منهما؟ فالى اين يمكن ان يؤدي الخلاف بين التيار وحزب الله؟ هل الى الطلاق النهائي حيث لا مجال لاعادة عقارب تفاهم مار مخايل الى الوراء؟ ام ان ما جمعته مقاومة الخصوم لا تفرقه ممانعة رئاسية؟ وهل انكسرت الجرة بين التيار والطاشناق؟