في بلد «كل مين ايدو الو»، كل شيء يصبح مباحا ومقبولا، حيث الجنون سيد المواقف، كل يغني على ليلاه، فيما الشعب «بالون» يشوطونه في ملعبهم. فرئيس التيار الوطني الحر «عينو» على تفاهم ما مخايل، والبطريرك الماروني مصر على نقل ملف لبنان للأمم المتحدة، اما رئيس حكومة التصريف فيصول ويجول ليحط في لبنان على قرارات من خارج المألوف.
فكما عادته، لم يقفز باسيل قفزته كاملة إلى الأمام، لينعي ورقة تفاهم مار مخايل التي دخلت حالة حرجة، فالجمهور كان في انتظار ان يلعبها صولد، ويعلن نهاية المسار وفصل المصير، الا انه قرر في اللحظة الأخيرة ان يلعبها «ضربة عالحافر وضربة عالمسمار»، في خطة مدروسة لاستنفاد الورقة «عالآخر»، فبالنسبة لمصادر التيار، «البياضة غير محشورة وغير مأزومة، والمشكلة مش عنا عند غيرنا» الذي يشغله بالشراكة مع «الاستيذ» ويضبط ايقاعه.
أما «صولده الأكبر» الذي لعبه باسيل فكان في حسمه ان تكتل «لبنان القوي» لن ينتخب الوزير السابق سليمان فرنجية ولا قائد الجيش العماد جوزاف عون، حاسما عدم وجود مرشح رئاسي من التيار، لا هو ولا غيره، لانه من المستحيل ان يسمح لهذا الخط والمشروع ان يصل. وتشير اوساط سياسية متابعة في هذا الخصوص، الى ان النائب البتروني الذي جال على كل من باريس والدوحة، سمع كلاما واضحا، وكذلك من موفدي الحزب الذين جلسوا لساعات معه لاقناعه بالسير بسليمان فرنجية، وهو قرأ جيدا زيارة قائد الجيش الى قطر والحفاومة التي استقبل بها، فضلا عن الخرق الذي حققه رئيس حكومة تصريف الاعمال في المملكة العربية السعودية.
بناء على ذلك، عمد الى توجيه الرسالة عبر الاعلام الى حارة حريك، رافضا الطرحين منفتحا في الوقت نفسه على اسماء اخرى. فهل في جعبته ورقة مستورة سمع عنها في الخارج؟ ام هو «تكتكة» داخلية فقط من باب النكد السياسي؟ هكذا رسم باسيل خطوطا علنية للعبة الرئاسة، حاشرا الكثيرين في الزاوية مسقطا من بيروت «وفاقية العماد» بعدما أسقط من باريس «مقاومة البيك».
في ظل هذه الاجواء، وعلى وقع هذه الحركة، باشر محور عين التينة – السراي هجومه المرتد باتجاه بكركي، فزار ميقاتي الصرح «مجبرا» لتوضيح ما حصل حكوميا، وشارحا زيارته للملكة والخرق الذي نجح في تحقيقه، بعد الحملة العونية المركزة، اذ تشير المصادر الى ان سيد بكركي لم يدخل في التفاصيل، وركزا على ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية وعدم تضييع البوصلة، مبديا ترحيبه باي حوار يحصل شرط ان يؤدي الى تقريب وجهات النظر، والمساعدة في الوصول الى اتفاق في اقرب وقت على اسم رئيس للجمهورية ينهي حال الشغور القائمة ليستقيم عمل الدولة ومؤسساتها.
ورأت المصادر ان خطبة البطريرك «المدوزنة» يوم الاحد مهّدت للقاء الامس، رغم ان بكركي غردت بعيدا، ناقلة المعركة إلى مستوى تدويل الملف اللبناني ورفعه إلى الأمم المتحدة، ما يطرح السؤال، حول الضمانات التي تلقاها او سمعها في هذا الخصوص في الحاضرة البابوية؟ وهل ان الوقت قد حان لهكذا خطوة؟ وكيف يمكن تطبيق اي مقررات قد تتخذ ؟ مبدية ملاحظتها ان موقف الراعي من الاردن جاء لافتا، اذ اعتبر ان هدف المؤتمر الدولي بحث سبل تطبيق اتفاق الطائف، وهو ما يتكامل مع مؤتمر الاونيسكو الذي نظمته السفارة السعودية في بيروت.