IMLebanon

تكتل “لبنان القوي” أمام انقسام عمودي إذا…

 

 

لم يوفّق رئيس مجلس النواب نبيه بري في مبادرته لعقد طاولة حوارية، تنقذه من وابل الانتقادات التي يتعرّض لها أسبوعياً مع انعقاد الجلسات الانتخابية التي تحوّلت مع مرور الأيام، إلى جلسات مملّة يمارس خلالها النواب كلّ أنواع وطقوس المزايدات والتشاطر، وهم متيقّنون أنّ لحظة الحسم لم تدنُ بعد. ورغم ادعاءات اللبننة، فالاستحقاق الرئاسي غير منفصل عن الواقع المحيط به ولا يمكن إنجازه من دون غطاء دولي، على قاعدة تسوية اقليمية تسمح بالإتيان برئيس يتأبط خطّة انقاذية مالية تعيد الاستقرار الاقتصادي إلى البلد. وهو شرط لا يتوفّر اذا لم يكن كلّ من واشنطن والرياض وطهران على طاولة الشراكة المثلّثة الأطراف.

 

وعليه، سيكون اللبنانيون، يوم الخميس المقبل على موعد مع جلسة عاشرة، كان يفضّل برّي لو أنّه يتخلّص منها ويرحّلها إلى العام الجديد، لمزيد من الوقت، ومن باب تخفيف استعراضات «الملهاة» المنقولة على الهواء مباشرة… لكن حاجز الاعتراض الذي تعرّض للمبادرة الحوارية، لا سيّما من جانب «القوات» و»التيار الوطنيّ الحر»، أبقى المشهدية الانتخابية في موعدها، وعلى حالها.

 

والأرجح أنّ المتغيّر الوحيد الذي قد يطرأ على الحلقة العاشرة من المسلسل الانتخابي، سيكون من جانب «تكتل لبنان القوي»، أو من جانب بعض نوابه، لا أكثر، وذلك ربطاً بالخلاف الذي وقع بين رئيس «التيار الوطنيّ الحرّ» جبران باسيل و»حزب الله».

 

في الواقع، لم يصدّق كُثر أنّ نوبة الغضب التي اجتاحت باسيل على أثر التئام حكومة تصريف الأعمال ومشاركة وزراء «حزب الله» ومعهم الوزير الخارج عن طوع «تكتل لبنان القوي» جورج بوشكيان، قد تدفع به إلى التعامل مع الاستحقاق الرئاسي بشيء من الاستخفاف، فيطلب من بعض نوابه أن «يتسلّوا» بالأوراق التي توضع بين أيديهم، من خلال تدوين كلمتي ميشال ومعوض بشكل منفصل، وهي خطوة تسيء للرئاسة، وللنائب ميشال معوض، ولواضعي تلك الأوراق.

 

هكذا، يعتقد باسيل بأنّه قادر على ردّ الصاع للحكومة بصاع الرئاسة، من خلال خفض عدد الأوراق البيضاء مقابل التلويح بامكانية رفع سكور ميشال معوض. قد تكون الخطوة من باب «التكتيك الولّادي»، لكنها على المستوى الاستراتيجي لا تؤتي ثمارها، لأنّها لا تملك من المقومات التي تسمح باستثمارها في السياسة، طالما أنّ باسيل ما زال على ضفّة «تفاهم مار مخايل»… وهو لا يزال بطبيعة الحال.

 

ومع أنّ التسريبات التي سبقت الجلسة التاسعة، أوحت باستعداد بعض نواب «التكتل» للانقلاب على خيار الورقة البيضاء، إلّا أنّ باسيل الذي كان يفترض أن يجتمع بنوابه، قبل دخول الجلسة، كما ذكر أمامهم خلال الاجتماع الوداعي للمجلس السياسي، ليبلغهم بالتوجّه الجديد، وصل متأخراً إلى الجلسة الانتخابية، وتولى بعض النواب المقرّبين منه، افتعال تلك «المسرحية» فيما أبقى بقية النواب على خيار الورقة البيضاء.

 

يوم الأحد الماضي، وخلال مقابلته التلفزيونة، تراجع باسيل قليلاً إلى الوراء وقد اتسمت لهجته بالكثير من الدبلوماسية ازاء علاقته بـ»الحزب» كما أوحى بأنّ مشروع الانقلاب على الورقة البيضاء قد همد قليلاً. أكثر من ذلك، كان يفترض أن يعقد «تكتل لبنان القوي» اجتماعاً له خلال هذا الأسبوع للبحث في خياراته الرئاسية «المستجدة»، خصوصاً وأنّ هناك عدداً من نوابه لا يؤيدون باسيل في «نتعاته» وسبق لهم أن ناقشوه في خيارات «التكتل» لجهة تبني ترشيح أحد موارنة «التيار» طالما أنّ رئيسه غير مرشح. إلا أنّ باسيل حمل حقيبته وتوجّه إلى قطر لمتابعة وقائع مباراتي نصف النهائي من المونديال، والأرجح أنّ موعد الجلسة سيحلّ من دون أن يتمكن من الاجتماع بنوابه.

 

لكن عقد اللقاء من عدمه، قد لا يكون الحدث الأبرز، لأنّ مداولات هذا الاجتماع ونتائجه، هي الأهم. اذ أنّ اصرار باسيل على التمايز عن حلفائه، والدفع باتجاه تكرار مشهدية الخميس الماضي، سيواجَه باعتراض من جانب مجموعة من النواب الذين سيصرون على الابقاء على الورقة البيضاء. وها هو نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب قد خرج منذ فترة عن اجماع رفاقه ليصوّت لمصلحة زياد بارود. ويتردد أنّ باسيل، فيما لو قرر أن يفصل مساره عن مسار بقية قوى الثامن من آذار، فقد يتسبب بانقسام عمودي في تكتله، وقد لا يمون على أكثر من عشرة نواب ليسيروا في خياره. النواب الأرمن، كما النائب العلوي، كما بعض النواب العونيين سيقولون «لا» لتلك السيناريوات وسيتمسكون بالورقة البيضاء، طالما أنّ لا تفاهم على أي مرشّح جدي.