منذ إنعقاد الجلسة الحكومية الشهيرة برئاسة رئيسها المكلف نجيب ميقاتي، ورئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل غير مرتاح، لانه يرفض تجيّير صلاحيات الرئاسة الى رئيس حكومة تصريف الاعمال، مع الإستعانة الدائمة بمقولة” الدفاع عن حقوق المسيحيين”، التي لم يتحقق منها أي شيء، ويستمر رئيس” التيار” في تصعيده السياسي تجاه الحلفاء، الذي لم يبق منهم سوى واحد هو حزب الله ، والذي يتجه الى ان يكون خارج هذه الخانة، بحسب مصادر سياسية عايشت العلاقة السياسية بين الحزب و”التيار” على مدى سنوات ، في حال لم يعرف باسيل “ضبضبة” الوضع المتفاقم مع الحزب، الذي بقي صامتاً لفترة لكن “زلات اللسان” لدى باسيل قامت بالواجب، وأبقت الغضب في مكانه ما بين الطرفين، خصوصاً انّ الاخير إستعان بالمثل القائل: ” ضربة على الحافر وضربة على المسمار”، خصوصاً خلال المقابلة التلفزيونية التي جرت معه يوم الاحد الماضي، حيث لعب على حبلين سياسيين، فتارة قال انّ تفاهم مار مخايل الموقّع مع الحزب في العام 2006 بات على المحك، ومن ثم وجّه بكلام الإطراء في إتجاه الامين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله ، وبأنه الشخصية المفضّلة لديه، من دون ان تخلو الحلقة من بعض “المراجل” بين الحين والآخر، ومن ثم يعود رئيس ” التيار” ليلطّف الاجواء، الامر الذي دعا بنائب معارض للتعليق:” لم نفهم على باسيل خلال تلك المقابلة، وبالتأكيد لم يفهم حزب الله عليه، او لربما بات يعرف تقلباته و”حرتقاته”، الامر الذي لا ينفع مع الحزب الذي يبحث عن الوضوح السياسي دائماً مع حلفائه، فيما باسيل يتذاكى ويريد ان يناور”، وفق ما قال النائب المعارض.
الى ذلك، رأت المصادر السياسية نفسها، بأنّ لا خلاف مع الرئيس السابق ميشال عون، وإستقباله وارد في أي لحظة في حارة حريك، لكن وبعد الوساطات التي جرت على هذا الخط وتدخلت كي يكون باسيل حاضراً خلال اللقاء، تبيّن انّ تلك الوساطات لم تصل بعد الى خاتمة إيجابية ، في إنتظار ضبط الوضع اكثر تجاه حارة حريك، التي بقيت محافظة نوعاً ما على العلاقة، لكن في نهاية الامر طفح كيلها، لذا قامت بإطلاق بعض “اللطشات” التي بقيت ضمن دائرة معينة، ولم تتطور او تنطلق نحو زوايا سياسية اخرى، بل حافظت على عدم تخطيها المعقول، مع توجيه الدعوات الى المناصرين بعدم التعليق، على غرار ما جرى الاسبوع الماضي بين جمهور الفريقين، الذي لم يستطع احد إيقاف تلك التعليقات المسيئة المتبادلة إلا بعد يومين.
وتشير المصادر المذكورة، الى انّ العواصف ومهما اشتدت، فهي ستعود لاحقاً لتهدأ بين “التيار” والحزب، على عكس الوضع مع الاطراف الاخرى، خصوصاً من ناحية “التيار الوطني الحر” الذي يعاني من تدهور الوضع السياسي مع أغلبية الاحزاب، وخصوصاً الركن المسيحي الابرز على الساحة أي ” القوات اللبنانية “، إضافة الى “تيار المردة ” حيث العلاقة معه في أسوأ حالاتها، كذلك الامر مع الرئيس نبيه بري، الامر الذي دعا احد السياسيين العتيقين الى التعليق ضاحكاً بأن “جبران لا يثبت على أي علاقة، لكن ومن دون ادنى شك فهو لاعب ماهر في السياسة، اذ ينفتح على قوى ويعادي اخرى تبعاً لمصالحه اولاً، لذا يفاجئ الجميع دائماً في خطواته السياسية”.
ورأت المصادر عينها، بأنّ باسيل أوصل رسالة الى حارة حريك، ولن يتراجع عن مضمونها، ومفادها انه لن يسير بترشيح سليمان فرنجية مهما جرى، لانه الاحق بالرئاسة بحسب ما يعتقد، ولانه نال العقوبات الاميركية بسبب سيره سياسياً على خط حارة حريك، فيما العقوبات لها اسباب اخرى، لكنه يسوّق دائماً لذلك، لذا لن يتنازل عن هذا الطموح ويقدمه الى فرنجية بسهولة، بل سيقابل ذلك لاحقاً ترشحه الى رئاسة الجمهورية، لانه يعتقد بأنّ قطر تقوم بالواسطة مع واشنطن لسحب تلك العقوبات، وعندها تسهّل الامور لوصوله الى قصر بعبدا، بالتزامن مع ترتيب أوراقه الخارجية .