IMLebanon

حكم قراقوش  

 

 

قد يتساءل الكثيرون ما علاقة قراقوش وحكمه بجبران باسيل؟

 

القضية واضحة… فباسيل «صهر الجنرال» المدلّل أفسد العهد ولبنان بتدخلاته الفاضحة، وبدعم ولامبالاة من عمّه الرئيس السابق… ما يؤكده كل اللبنانيين اليوم، بأنّ رئيس التيار الوطني الحر هو أكبر رمز من رموز الفساد في لبنان، إضافة الى التبعيّة لـ»الحزب العظيم»، واستغلال مكانته من الرئيس السابق، والتصرّف على هواه في كل وزارة تسلمها…

 

فعند تسلمه وزارة الخارجية، خرج عن الإجماع العربي بإصراره يومذاك على الاعتراف بالنظام السوري، فطالب بإعادته الى الجامعة العربية، متحدّياً هذا الإجماع حتى من خلال نيته القيام بزيارة رسميّة الى دمشق… كما أوصل هو ووزراؤه بسياساتهم الى «سلخ» لبنان من حضنه العربي، ما تسبّب بمقاطعة عربية شاملة وجامعة لا يزال لبنان حتى اليوم يعاني من تداعياتها.

 

أما خلال توليه وزارة الطاقة هو ثم سكرتيره وسكرتيرة سكرتيره، وسكرتير سكريتريته الخ… فقد نكب لبنان بانقطاعات كهربائية لا مثيل لها حتى أوصلنا الى «صفر كهرباء»، وصارت الكهرباء رمزاً للفشل في جميع قطاعات الدولة، إضافة الى تكبيد الدولة خسائر بـ65 مليار دولار… فأصبحت الكهرباء وجهاً ومثالاً لأوجه الفشل الأخرى في البلاد… وأصبحت «الكهرباء راحت» من أوائل العبارات التي ينطق بها «الأطفال»… ووصلنا الى جملة «إجت الكهرباء» للدلالة على ان معجزة من المعجزات حدثت في تلك اللحظة.

 

أما في وزارة الاتصالات، فقد انكشفت فضيحة الفضائح، بعد تسلّم باسيل مقدّراتها.. هذه الوزارة التي أبدع فيها الصهر المدلّل. والأنكى من ذلك ان باسيل هدّد أكثر من مرّة «بنبش» الماضي ومحاسبة الفاسدين، فقضيّة التوظيف العشوائي لعناصر التيار الوطني باتت مكشوفة، قُدّمت كرشى انتخابية ما قلّص موارد شركتي الهاتف الخلوي الى النصف، بعد الرواتب التي فرضت على هاتين الشركتين.

 

ولن ينسى أحد عرقلة تشكيل الحكومات، وكلام الرئيس السابق «لعيون صهر الجنرال، ما تتشكل حكومة»، وكذلك فعل جبران في كل الوزارات التي تسلّمها هو بنفسه أو أنصاره.

 

ما يجب أن نسلّم به هو ان الأداء الذي قدّمه جبران الصهر، هو أداء مستفز وعنصري… يصفه الكثيرون بالكريه.. فهو يصرّح بالانفتاح ويمارس الانغلاق… يؤكد على علمانيته ويكرّس طائفية بغيضة يدغدغ بها عقول مناصريه متناسياً ان «عمّه» و»هو» ساهما في تهجير المسيحيين من الوطن… وهل ينسى أحد حربي التحرير والإلغاء. وجبران لا يترك شاردة ولا واردة، إلاّ ويبدي رأيه فيها. ففي كل قضية له إصبع، وفي كل فشل له «مطرح»، وفي كل ملف له ورقة، رغم فشله -كما ذكرنا- في كل الملفات التي تسلّمها وأمسك بها، من وزارة الاتصالات الى وزارة الطاقة ووزارة الخارجية، خسر الانتخابات النيابية مرتين، والبلدية مرة واحدة. حقاً إنّ الخطوة التي قام بها وغيّرت مسار حياته، هي اقترانه بابنة الرئيس السابق ميشال عون عام 1999.

 

والمصيبة الأكبر التي ابتلي بها لبنان، هي ان جبران باسيل هو صهر ميشال عون الذي أفسد عهده وضحّى بسمعته، فعمل على التمهيد لزوج ابنته للجلوس في بعبدا رئيساً فباءت محاولاته بالفشل… لأنّ أحداً في لبنان لا يريد باسيل رئيساً، حتى ان حلفاءه تخلوا عنه.

 

أعود لأقول: إنّ جبران باسيل «قراقوش عهد عون»، عهد الفساد والتدمير، مارس ديكتاتورية قراقوش مستقوياً بعمّه. وقد بتنا اليوم في «جهنم» التي بشّرنا بها الرئيس السابق كرمال «عيون صهره»… وأؤكد أنّ لا أحد يريد أن يلعب على حافة الهاوية التي يقودنا إليها جبران باسيل، بخرق القوانين والدستور، كما ان أحداً لا يضمن أن تتسبب تهوّرات باسيل الكثيرة في انزلاق البلد لحرب لا أحد يستطيع الإمساك بخيوطها. فالخطاب الاستبدادي والجولات الاستعراضية التي يقوم بها باسيل، وضربه عرض الحائط التقاليد والأعراف، والخصوصيات الطائفية والمناطقية قد يودي بلبنان الى هاوية قد تكون أشد لهيباً من جهنم التي أقحمنا بها عمّه.

 

وتبقى «محاولات قراقوش» الأخيرة بتحدّي حزب الله حليفه، الذي لم يكن راضياً عن مقاطعة وزراء «جبران» جلسة الحكومة الأخيرة.. كما لم يكن الحزب راضياً عما يريده «قراقوش» القرن العشرين، من تخلي الحزب عن ترشيح سليمان بك فرنجية كُرمى لعيني الصهر الذي كان مدلّلاً..

 

والأيام المقبلة… ستشهد ان هناك شرخاً حقيقياً بين جبران والحزب، وبخاصة بعد مطالبة «قراقوش» بتعديل الفقرة السادسة من المادة 64.. والتدخل في وضع جدول أعمال أي اجتماع للحكومة، ما رفضه الرئيس ميقاتي مؤيداً من الرئيس نبيه بري وحزب الله.

 

فمتى تكون نهاية «قراقوش» السياسية… فهو يفاخر بنوابه الـ21 الذين هم في الحقيقة ثلاثة فقط، فالآخرون هدية من غيره، وحتى الثلاثة سينهون حتماً مسيرة «قراقوش» القرن العشرين.

 

قد يتساءل القارئ: من هو قراقوش؟ وما قصّة حُكْمِه؟

 

إنه الأمير بهاء الدين قراقوش الأسدي، أحد قادة البطل صلاح الدين الأيوبي… ولعلّ الكثيرين سمعوا بالمثل القائل «حكم قراقوش»، الذي يُضْرَب للتمثل بالحاكم الظالم، صاحب الأحكام الغريبة والأوامر الجائرة.

 

كما يجهل الكثيرون أيضاً ان قراقوش بدأ حياته عبداً ثم أصبح صاحب الكلمة الأولى والمستبد الأول في الدولة ومن الروايات التي حيكت حوله أنّ رجلاً شكا لقراقوش تاجراً سلبه أمواله… فاستدعى قراقوش التاجر وسأله عن السبب.. فقال التاجر: ماذا أفعل أيها الأمير؟ كلما  وفّرت له الأموال لأسدّد له دينه، بحثت عنه فلم أجده.

 

وتفكّر قراقوش كعادته ثم حكم بأنّ يُسْجَن الرجل صاحب الدين حتى يعرف المدين مكانه حين يريد سداد الدين له… فهرب الرجل قائلاً: أجْري على الله.