باسيل يناقض نفسه بإلقاء مسؤولية التردي المالي والاقتصادي على من «تحمَّل المسؤولية منذ ثلاثين عاماً»
للتذكير: «التيار العوني» تسلَّم السلطة منذ العام 1988 ولثلاث سنوات وباسيل وزيراً لأكثر من عشر سنوات متتالية
السؤال أين الكهرباء في وزارة على رأسها التيار منذ سنوات وأين وعود الـ24/24 بالرغم من إنفاق مليارات الدولارات
في محاولة للتهرب من أدائه السياسي السيىء وما آلت إليه الأوضاع الاقتصادية والمالية بعد اندلاع الحراك الشعبي الواسع في السابع عشر من شهر تشرين الأوّل الماضي يُركّز رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل في خطابه السياسي على نقطتين اساسيتين، الأولى الادعاء بأن ما يطالب به المتظاهرون في الشارع ويسعون لتحقيقه في مختلف النواحي السياسية والمعيشية والاجتماعية، هي مطالب تندرج في إطار ما كان يسعى إليه «التيار» منذ انخراطه بالعمل السياسي، وهو لأجل ذلك ناضل وتحمل الكثير ولكنه لم يستطع لاصطدامه بالواقع السياسي الصعب وما إلى هنالك من حجج واهية وذرائع مزيفة، والنقطة الثانية والأهم هي محاولة محاكمة العهود والحكومات التي توالت على السلطة منذ ثلاثين عاماً ويعني بذلك حكومات الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وهو ما ردده معظم وزراء ونواب «التيار الوطني الحر» ونائبه رئيس التيار في مواقفهم واطلالالتهم الإعلامية المتواصلة ضمن خطاب «ببغائي» لا يخرج حرفاً عن نسق خطاب رئيس «التيار الوطني» ولا يجتهد أحد في النص الموزع عليهم ولو بعبارة واحدة، وهو ما سمعناه ونسمعه يومياً وما ردده رئيسهم على المنابر بالخارج هذه الأيام أيضاً.
بالنسبة لادعاءات الوزير باسيل ووزراء ونواب «التيار الوطني الحر» في محاولة مكشوف وممجوجة لامتصاص نقمة المتظاهرين واستيعاب حركتهم وتقليص اندفاعتهم، لن تلقى صدى عند أي منهم ولن تقنع المتظاهرين على اختلاف توجهاتهم وانتماءاتهم ولا تنطلي عليهم بتاتاً، وهي بمثابة حيلة سخيفة تفتقر إلى أدنى مقومات الصدقية والاقناع لا سيما وانها تترافق مع سلسلة ممارسات عنيفة وحركات شوارعية مضادة ينتهجها «التيار» أو ينظمها سراً وعلانية لكبح جماح الحراك الشعبي في أكثر من منطقة وواقعة، والأكثر من ذلك اتباعه لنهج الانكار السياسي لتأثير ووجود هذا الحراك الشعبي كما ظهر ذلك جلياً في التعاطي السياسي مما يحصل وكأن هذه الظاهرة الجديدة ثانوية ولا تستحق إيلاءها الأهمية اللازمة.
اما في ما يتعلق بالنقطة الثانية التي يُركّز عليها الوزير باسيل ومن يدور في فلكه، فهي سهولة إلقاء مسؤولية الانهيار المالي والاقتصادي على السياسات المتبعة منذ ثلاثين سنة، وذلك في محاولة للتهرب من مسؤولية الأداء السيىء واستغلال السلطة والتسلط على موارد ومرافق وأموال الدولة في مختلف القطاعات والوزارات التي تولى مسؤوليتها الوزير باسيل شخصياً ووزراء «التيار الوطني» على اختلافهم.
فهذه النقطة التي يتلطى وراءها الوزير باسيل لرشق خصومه السياسيين ولا سيما فريق الرئيس الشهيد رفيق الحريري ومن بعده حكومات الرئيس سعد الحريري في غمرة الكباش السياسي الجاري حالياً، بعد استقالة الحكومة التي أتت مفاجئة للعهد ولفريقه الوزاري وحلفائهم منافية للواقع كلياً، وتفتح على هذا الفريق سلسلة إرتكابات وخطايا وفضائح وممارسات موثقة وتدميرية تعطي دلالة واضحة للرأي العام على كذب وافتراءات ما يساق لهؤلاء الخصوم لتفادي مساءلة الرأي العام للاداء السيىء والفاسد لكل فريق «التيار الوطني الحر» في السلطة، لأنه ليس بمجرد إطلاق الاتهامات هكذا جزافاً ضد السياسيين الذين تناوبوا على السلطة منذ ثلاثين عاماً، تصبح حقائق في مفهوم «التيار» ومن يدور في فلكه.
وللتذكير، فإن الوقائع المثبتة تُشير إلى ان «التيار الوطني الحر» تسلم السلطة برئيس الجمهورية الحالي العماد ميشال عون في خريف العام 1988، عندما عين رئيساً للحكومة بعد انتهاء ولاية الرئيس أمين الجميل الدستورية وشكل يومئذ حكومة عسكرية، وادخل لبنان في ثلاثة حروب تدميرية متتالية، الأولى كانت الحرب ضد القوات السورية الموجودة في لبنان والثانية حرب الالغاء ضد «القوات اللبنانية» والثالثة عندما اجتاحت القوات السورية القصر الرئاسي ببعبدا في خريف العام 1990، فكل هذه السنوات لم تحتسب بحساب «التيار العوني» وما تخللها من إدارة السلطة وما تكبده الشعب اللبناني من خسائر ونكبات مالية واقتصادية واجتماعية وكأنها لم تكن.
وبعد اتفاق «الدوحة» الشهير ومشاركة «التيار العوني» بالسلطة وتولي الوزير باسيل حقيبة الاتصالات لأول مرّة في العام 2008، ثم وزيراً للطاقة في العام 2009، ثم تولى حقائب وزارية في الحكومات المتعاقبة حتى يومنا هذا، ما يعني مشاركة «التيار الوطني الحر» بالسلطة لما يقارب نصف المدة التي يدعي بأن خصومه السياسيين تسلموها منذ ثلاثين عاماً، يضاف إليها ثلاث سنوات منذ تسلم الرئيس ميشال عون لمهماته الرئاسية وحتى اليوم، كل هذه الوقائع تتناقض مع ادعاءات الوزير باسيل وتياره المزيفة وتدحض كل ما يسيقه ضد خصومه السياسيين من تبريرات مزيفة لتفادي الفشل الذريع في ادائه السياسي والوزاري في كل الوزارات التي تولى مسؤولياتها ولا سيما منها وزارة الطاقة التي يتشبث بإدارتها حتى اليوم، وفشل في توفير تزويد اللبنانيين بالتيار لمدة 24 ساعة يومياً كما وعدهم منذ ست سنوات، وهي الوزارة التي صرف عليها مليارات الدولارات واستنزفت هدراً الخزينة اللبنانية وجيوب النّاس حتى اليوم.
كان الأجدى للوزير جبران باسيل ووزراء ونواب تياره، الاستعاضة عن إلقاء الاتهامات جزافاً ضد خصومهم السياسيين اجراء قراءة متأنية لأدائهم السياسي والسلطوي المتردي وتحليل الخطابات الفتنوية والاستفزازية التي انتهجها رئيس التيار تحت شعارات طائفية مقيتة والتي راكمت هذا الكم الهائل من الانتقادات والكراهية التي ساقها ضده الحراك الشعبي وذلك لوقف الأداء الانحداري، ليس للتيار لوحده بل للعهد أيضاً.