تجادل الغزال والحمار حول لون العشب.
يقول الغزال أنه أخضر.
يصر الحمار على أنه أبيض.
تطور الجدل إلى حد الإشتباك.
عرض الخلاف على محكمة الغابة.
حكم القاضي ببراءة الحمار وبسجن الغزال.
استغرب الغزال الحكم وسأل:
يا جناب القاضي هل أنت متأكد أن لون العشب أبيض كما يقول الحمار؟.
أجاب القاضي:
طبعاً لا… فالعشب أخضر.
بادره الغزال مستهجناً:
إذاً، لماذا حكمت بسجني؟.
رد القاضي بانفعال:
لأنك دخلت بجدل مع حمار.
حدثت هذه القصة الخيالية في عالم الحيوان… لكنها تحدث سياسياً وتتكرر يومياً في لبنان.
اللبنانيون، بأحزابهم وبجهابذة دستورهم وبنخبهم وعامتهم، يجادلون التيار العوني، وبالذات بعد أن فتح الفراغ الرئاسي أبوابه أمام «هرطقات باسيلية» يستبسل العونيون في الدفاع عنها.
تكاثرت الهرطقات فتكاثر الجدل.
ومن جدليات تسخيف الدستور وتحوير الوقائع، رفض انعقاد مجلس وزراء تصريف الأعمال، إلاّ إذا انعقد من دون نقصان… ولا ندري إذا كان يُعذر الوزير الغائب بسبب المرض أو السفر، أو يكون الغياب غياباً لشرعية الجلسات.
وفي هرطقة أخرى، استدعيت المراسيم الجوالة من مقابر الحرب الأهلية، رغم أن التجول اليوم آمن ويعم كل الأرض اللبنانية، ورغم أن الإغتيالات مؤجلة إلى أن يأذن «فائض القوة» بها.
وأغرب الغرائب، بدعة إلزامية توقيع الـ 24 وزيراً على قرارات وزارية تزعم أنها سوف «تشيل الزير من البير»… حتى لو أدى إمتناع أحد الوزراء عن التوقيع إلى وقوع البلاد والعباد في بئر مقطعة حباله.
وإمعاناً في تسويق هرطقة «المال السايب يعلم الحرام»، يتهم جبران باسيل نجيب ميقاتي بالسطو على صلاحيات رئيس الجمهورية المغيب بـ «ورقة التوت البيضاء» الكاشفة للعورات لا الساترة لها.
… وهرطقات الجدل الباسيلي لا تنتهي، فمخفيها أعظم… ومن مبتكراتها خرق الميثاقية ومخالفة تفاهم مارمخايل وغيرهما مما علمه عند الله.
سنخالف حكم قاضي الغابة، رغم عدالته، وسنستمر في الجدل العقيم مع التيار العوني ورئيسه.
ينص الدستور على أنه عند فراغ سدة الرئاسة تنتقل صلاحيات رئيس الجمهورية إلى مجلس الوزراء مجتمعاً.
في اللغة العربية فإن «مجتمعاً» تعني الإجتماع لا الإجماع.
وفي لغة الدستور والعرف والقانون فإن صحة الإجتماع تتعلق بتوفر النصاب بـ «الثلثين»، يليه «النصف زائد واحد»، وأخيراً بـ «من حضر»، وهذا أضعف الإجتماعات.
أما الإنحراف بتفسير الإجتماع على أنه الإجماع، فهو تفسير لم يحظ الله عليه، مع أنه خالق البشر ومسيّر الكون، حيث لم تجمع المجتمعات على الإعتراف به وبوجوده، فما زال على الأرض من يتخذ الإلحاد ديناً له… أو يشرك بصاحب الجلالة عبر عبادة بوذا أو الشيطان أو الطاووس.
إذا انتفى الإجماع حول الله، فكيف يتحقق حول جبران باسيل… إلا إذا كان جبران أقوى الخلق وأقدر من القادر والخالق؟.
تبقى هرطقة الهرطقات ومسخرة الديمقراطيات.
إنها في إشتراط توقيع الـ 24 وزيراً ليصبح المرسوم الوزاري صحيحاً.
نسأل حراس الديمقراطية العونية:
كيف لوزير قال «لا» أن يلغي توقيع 23 وزيراً قالوا نعم؟.
ما هذا الهراء والإهتراء الديمقراطي؟.
بأي منطق أكثري نقيم ديكتاتورية الوزير الواحد؟.
نكتفي بهذه الجدليات اللبنانية ونسأل «قاضي الغابة» مجازاً:
يا جناب القاضي من فينا الغزال ومن هو الحمار؟.